الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡـُٔولٗا} (15)

ثم قال تعالى : { ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار } أي : ولقد كان هؤلاء الذين يستأذنون رسول الله في الانصراف عنه عاهدوا الله من قبل لا يولون عدوهم الأدبار فما أوفوا بعهدهم .

{ وكان عهد الله مسؤولا } أي : يسأل الله ذلك من أعطاه إياه من نفسه . وذكر أن ذلك نزل في بني حارثة لما كان من فعلهم ، وهم الذين هموا أن يفشلوا يوم أحد مع بني سلمة{[55374]} وهو قوله جل ذكره : { إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا }{[55375]} ثم عاهدوا الله لا يولون العدو الأدبار ولا يعودون لمثلها فذكر الله لهم ما قد أعطوا من أنفسهم ولم يفوا به .

قال قتادة : كان ناس غابوا عن وقعة بدر ورأوا ما أعطى الله أصحاب بدر من الكرامة والفضل فقالوا : لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن ، فساق الله إليهم ذلك حتى كان ناحية المدينة{[55376]} .


[55374]:بنو سلمة بطن من الخزرج، وهم بنو سلمة بن سعد، ينسب إليهم كثير من الصحابة منهم أبو قتادة الأنصاري. انظر: نهاية الأرب293 ومعجم قبائل العرب 2/537
[55375]:آل عمران: آية 122
[55376]:انظر: جامع البيان 21/137، والدر المنثور 6/580