روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡـُٔولٗا} (15)

{ وَلَقَدْ كَانُواْ عاهدوا الله مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ الادبار } هؤلاءهم الفريق المستأذنون وهم بنو حارثة عند الأكثرين ، وقيل : هم بنو سلمة كانوا قد جبنوا يوم أحد ثم تابوا وعاهدوا يومئذ قبل يوم الخندق أن لا يفروا ، وعن ابن عباس أنهم قوم عاهدوا بمكة ليلة العقبة أن يمنعوه صلى الله عليه وسلم مما يمنعون منه أنفسهم ، وقيل : أناس غابوا عن وقعة بدر فحزنوا على ما فاتهم مما أعطى أهل بدر من الكرامة فقالوا : لئن أشهدنا الله تعالى قتالاً لنقاتلن و { عاهد } أجرى مجرى اليمين ولذلك تلقى بقوله تعالى : { لاَ يُوَلُّونَ الادبار } وجاء بصيغة الغيبة على المعنى ولو جاء كما لفظوا به لكان التركيب لا تولى الأدبار ، وتولية الأدبار كناية عن الفرار والانهزام فإن الفار يولى دبره من فر منه { وَكَانَ عَهْدُ الله } عن الوفاء به مجازي عليه وذلك يوم القيامة ، والتعبير بالماضي على ما في «مجمع البيان » لتحقق الوقوع ، وقيل : أي كان عند الله تعالى مسؤولاً عن الوفاء به أو مسؤولاً مقتضى حتى يوفى به .