جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡـُٔولٗا} (15)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلّونَ الأدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللّهِ مَسْئُولاً } .

يقول تعالى ذكره : ولقد كان هؤلاء الذين يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانصراف عنه ، ويقولون إن بيوتنا عورة ، عاهدوا الله من قبل ذلك ، إن لا يولوا عدوّهم الأدبار ، إن لقولهم في مشهد لرسول الله صلى الله عليه وسلم معهم ، فما أوفوا بعهدهم وكانَ عَهْد اللّهِ مَسْئُولاً يقول : فيسأل الله ذلك من أعطاه إياه من نفسه . وذُكر أن ذلك نزل في بني حارثة لما كان من فعلهم في الخندق بعد الذي كان منهم بأُحد . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : ثني يزيد بن رومان وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلّونَ الأَدْبارَ ، وكانَ عَهْدُ اللّهِ مَسْئُولاً وهم بنو حارثة ، وهم الذين همّوا أن يفشلوا يوم أُحد مع بني سلمة حين همّا بالفشل يوم أُحد ، ثم عاهدوا الله لا يعودون لمثلها ، فذكر الله لهم الذي أعطوه من أنفسهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلّونَ الأدْبارَ وكانَ عَهْدُ اللّهِ مَسْئُولاً قال : كان ناس غابوا عن وقعة بدر ، ورأوا ما أعطى الله أصحاب بدر من الكرامة والفضيلة ، فقالوا : لئن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلنّ ، فساق الله ذلك إليهم حتى كان في ناحية المدينة .