الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَقَدۡ كَانُواْ عَٰهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبۡلُ لَا يُوَلُّونَ ٱلۡأَدۡبَٰرَۚ وَكَانَ عَهۡدُ ٱللَّهِ مَسۡـُٔولٗا} (15)

قوله تعالى : " ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل " أي من قبل غزوة الخندق وبعد بدر . قال قتادة : وذلك أنهم غابوا عن بدر ورأوا ما أعطى الله أهل بدر من الكرامة والنصر ، فقالوا لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن . وقال يزيد بن رومان : هم بنو حارثة ، هموا يوم أحد أن يفشلوا مع بني سلمة ، فلما نزل فيهم ما نزل عاهدوا الله ألا يعودوا لمثلها فذكر الله لهم الذي أعطوه من أنفسهم . " وكان عهد الله مسؤولا " أي مسؤولا عنه . قال مقاتل والكلبي : هم سبعون رجلا بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة وقالوا : اشترط لنفسك ولربك ما شئت . فقال : ( أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأموالكم وأولادكم ) فقالوا : فما لنا إذا فعلنا ذلك يا نبي الله ؟ قال : ( لكم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ) . فذلك قوله تعالى : " وكان عهد الله مسؤولا " أي أن الله ليسألهم عنه يوم القيامة .