أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

شرح الكلمات :

{ فأقم وجهك للدين القيم } : أي استقم على طاعة ربك عابداً له مبلغاً عنه منفذاً لأحكامه .

{ لا مرد له من الله } : أي لا يرده الله تعالى لأنه قضى بإِتيانه وهو يوم القيامة .

{ يصدعون } : أي يتفرقون فرقتين .

المعنى :

وقوله تعالى : { فأقم وجهك للدين القيّم } أي استقم يا رسولنا أنت والمؤمنون معك على الدين الإِسلامي إذ لا دين يقبل سواه فاعتقدوا عقائده وامتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه وتأدبوا بآدابه وتخلقوا بأخلاقه وأقيموا حدوده وأحلوا حلاله وحرموا حرامه وادعوا إليه وعلّموه الناس أجمعين ، واصبروا على ذلك فإِن العاقبة للمتقين وقوله : { من قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله } أي افعلوا ذلك الذي أمرتكم به قبل مجيء يوم القيامة حيث لم يكن عمل وإنما جزاء ، وقوله { لا مرد له من الله } أي إنه لا يرده الله إذا جاء ميعاده لأنه قضى بإِتيانه لا محالة من أجل الجزاء على العمل في الدنيا .

وقوله { يومئذ يصدعون } أي يوم يأتي اليوم الذي لا مرد له يصدعون أي يتفرقون فرقتين كما يتصدع الجدار فرقتين فريق في الجنة وفريق في النار .

الهداية :

من الهداية :

- وجوب الاستقامة على الدين الإِسلامي عقيدة وعبادة وقضاء وحكماً .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

قوله تعالى : " فأقم وجهك للدين القيم " قال الزجاج : أي أقم قصدك ، واجعل جهتك اتباع الدين القيم ، يعني الإسلام . وقيل : المعنى أوضح الحق وبالغ في الإعذار ، واشتغل بما أنت فيه ولا تحزن عليهم . " من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله " أي لا يرده الله عنهم ، فإذا لم يرده لم يتهيأ لأحد دفعه . ويجوز عند غير سيبويه " لا مرد له " وذلك عند سيبويه بعيد ، إلا أن يكون في الكلام عطف . والمراد يوم القيامة .

قوله تعالى : " يومئذ يصدعون " قال ابن عباس : معناه يتفرقون . وقال الشاعر :

وكنا كنَدْمانَي جَذيمة حِقْبَةً *** من الدهر حتى قيل لن يتصدعا{[12528]}

أي لن يتفرقا ، نظيره قوله تعالى : " يومئذ يتفرقون " [ الروم : 14 ] " فريق في الجنة وفريق في السعير " . والأصل يتصدعون ، ويقال : تصدع القوم إذا تفرقوا ، ومنه اشتق الصداع ، لأنه يفرق شعب الرأس .


[12528]:البيت لمتمم بن نويرة اليربوعي من قصيدة يرثي بها أخاه مالكا مطلعها: لعمري وما دهري بتأبين هالك *** ولا جزع مما أصاب فأوجعا وقوله:" كندماني جذيمة" يعني جذيمة الأبرش وكان ملكا. ونديماه: يقال لهما مالك وعقيل. ويضرب بهما المثل لطول ما نادماه، فقد نادماه أربعين سنة ما أعادا عليه حديثا.