فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينَ القيم مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ } هذا خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأمته أسوته فيه ، كأن المعنى : إذا قد ظهر الفساد بالسبب المتقدّم فأقم وجهك يا محمد إلخ . قال الزجاج : اجعل جهتك اتباع الدين القيم ، وهو : الإسلام المستقيم { من قبل أن يأتي يوم } يعني يوم القيامة { لا مردّ له } لا يقدر أحد على ردّه ، والمردّ مصدر ردّ ، وقيل المعنى : أوضح الحق ، وبالغ في الأعذار ، و{ مِنَ الله } يتعلق ب { يأتي } أو بمحذوف يدل عليه المصدر ، أي لا يردّه من الله أحد .

وقيل : يجوز أن يكون المعنى : لا يردّه الله لتعلق إرادته القديمة بمجيئه ، وفيه من الضعف وسوء الأدب مع الله ما لا يخفى { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } أصله يتصدعون ، والتصدع التفرق ، يقال : تصدع القوم إذا تفرقوا ، ومنه قول الشاعر :

وكنا كندماني جذيمة برهة *** من الدهر حتى قيل لن يتصدّعا

والمراد بتفرقهم هاهنا أن أهل الجنة يصيرون إلى الجنة ، وأهل النار يصيرون إلى النار .

/خ46