فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

{ فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون43 من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون44 ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين45 }

وبعد أن حصحص الحق ، وظهرت الحجة ، وأعذر الله تعالى إليهم ، وحضهم على الاعتبار بما جرى لأسلافهم من المشركين والمفترين ، وصى أهل الرشد بالثبات على الهدى ولزوم الصراط المستقيم ، والدين العدل ، الخالد ، المهيمن الظاهر على الدين كله ، القوام أهله- كما شهد موحيه جل علاه- ) . . وذلك دين القيمة( {[3373]}- اثبتوا عليه من قبل أن يجيء يوم البعث والحساب والفصل ، والجزاء بالعدل والفضل ، يومئذ لا يرد بأسه عن المجرمين أحد ، ولا يمسك فضله عن المتقين أحد ، يومئذ يتفرقون ، فأما الذين كفروا وأجرموا فأولئك في العذاب محضرون مقيمون نازلون ، وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون ، جزاء بما كانوا يعملون ، إذ قدموا في دنياهم البر الذي بسببه ينعمون ، ويتفضل عليهم المولى بما لا يعدون ولا يحصون ، وتناديهم الملائكة الكرام عليهم السلام : ) . . هذا يومكم الذي كنتم توعدون( {[3374]} وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة ) . . أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين . الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون( {[3375]} ، وأصل{ يصدعون } يتصدعون{[3376]} ، بمعنى يتفرقون ، ففريق في الجنة وفريق في السعير


[3373]:سورة البينة. من الآية 5.
[3374]:سورة الأنبياء. من الآية 103.
[3375]:سورة الأعراف. من الآية 50 والآية 51.
[3376]:قلبت التاء صادا، وأدغمت في الصاد.