التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

{ من قريتك التي أخرجتك } يعني : مكة وخروجه صلى الله عليه وسلم من وقت الهجرة ونسب الإخراج إلى القرية والمراد أهلها لأنهم آذوه حتى خرج .

{ أهلكناهم } الضمير للقرى المتقدمة المذكورة في قوله : { وكأين من قرية } وجمعه حملا على المعنى والمراد أهلكنا أهلها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

ولما وعد سبحانه أنه ينصر من ينصره لأنه مولاه ويدخله دار نعمته ، ويخذل من يعانده لأنه عاداه إلى أن يدخله دار شقوته ، كان التقدير دليلاً على ذلك : فكأين من قوم هم أضعف من الذين اتبعوك نصرناهم على من كذبهم ، فلا خاذل لهم ، فعطف{[59480]} عليه قوله : { وكأين } ولما كانت قوة قريش في الحقيقة ببلدهم{[59481]} ، وكان الإسناد إليها أدل على تمالؤ أهلها وشدة اتفاقهم حتى كأنهم كالشيء الواحد قال-{[59482]} : { من قرية } أي كذبت رسولها { هي أشد قوة } وأكثر عدة { من قريتك } ولما كان إنزال{[59483]} هذه بعد الهجرة ، عين فقال : { التي أخرجتك } أي أخرجك أهلها متفقين في أسباب الإخراج{[59484]} من أنواع الأذى على كلمة واحدة حتى كأن{[59485]} قلوبهم قلب واحد فكأنها هي المخرجة - وهي مكة - كذبوك وآذوك حتى أخرجناك من عندهم لننصرك عليهم بمن أيدناك بهم من قريتك هذه التي آوتك من الأنصار نصراً جارياً على ما تألفونه وتعتادونه { أهلكناهم } بعذاب الاستئصال كما اقتضت عظمتنا ، وحكى حالهم الماضية بقوله : { فلا ناصر لهم * } .


[59480]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: عطف.
[59481]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بلدهم.
[59482]:زيد من م ومد.
[59483]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: انزل.
[59484]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الخروج.
[59485]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: كأنهم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

قوله : { وكأين من قرية هي أشد من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم } يعني ، وكم من أهل قرية يا محمد { أشد قوة من قريتك التي أخرجتك } أي أهلها أشد بأسا وأكثر جمعا وعددا من أهل قريتك وهي مكة التي أخرجك أهلها ، وقد روي عن ابن عباس – رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة إلى الغار وأتاه ، فالتفت إلى مكة وقال : " أنت أحب بلاد الله إلى الله ، وأنت أحب بلاد الله إلي ، ولولا أن المشركين أخرجوني لم أخرج منك " فأنزل الله الآية .

قوله : { أهلكناهم فلا ناصر لهم } وذلك تهديد من الله يتوعد به المشركين الذين أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من بلده مكة ، فلئن أهلك الله الأمم الظالمة السابقة بكفرهم وتكذيبهم رسلهم وقد كانوا أشد قوة من مشركي مكة هؤلاء ، فما ظن المشركين من أهل مكة أن يفعل الله بهم في الدنيا من العذاب ؟ وإذا أتاهم بأس الله وانتقامه فليس لهم من دون الله حينئذ أيما نصير أو مجير{[4232]} .


[4232]:تفسير الرازي جـ 28 ص 50 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 175وتفسير الطبري جـ 26 ص 30، 31.