التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٍ} (23)

{ الله نزل أحسن الحديث } : يعني القرآن .

{ كتابا } بدل من أحسن أو حال منه .

{ متشابها } معناه هنا أنه يشبه بعضه بعضا في الفصاحة والنطق بالحق ، وأنه ليس فيه تناقض ولا اختلاف .

{ مثاني } جمع مثان أي : تثنى فيه القصص وتكرر ، ويحتمل أن يكون مشتقا من الثناء ، لأنه يثنى فيه على الله ، فإن قيل : مثاني جمع فكيف وصف به المفرد ؟ فالجواب : أن القرآن ينقسم فيه إلى سور وآيات كثيرة فهو جمع بهذا الاعتبار ، ويجوز أن يكون كقولهم برمة أعشار ، وثوب أخلاق ، أو يكون تمييزا من متشابها كقولك حسن شمائل .

{ ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } إن قيل : كيف تعدى تلين بإلى ؟ فالجواب أنه تضمن معنى فعل تعدى بإلى كأنه قال : تميل أو تسكن أو تطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ، فإن قيل : لم ذكرت الجلود أولا وحدها ثم ذكرت القلوب بعد ذلك معها ؟ فالجواب : أنه لما قال أولا تقشعر ذكر الجلود وحدها ، لأن القشعريرة من وصف الجلود لا من وصف غيرها ، ولما قال ثانيا تلين ذكر الجلود والقلوب ، لأن اللين توصف به الجلود والقلوب : أما لين القلوب فهو ضد قسوتها وأما لين الجلود فهو ضد قشعريرتها فاقشعرت أولا من الخوف ثم لانت بالرجاء .

{ ذلك هدى الله } يحتمل أن تكون الإشارة إلى القرآن أو إلى الخشية واقشعرار الجلود .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٍ} (23)

{ الله نزَّل أحسن الحديث كتاباً } بدل من أحسن ، أي قرآناً { متشابهاً } أي يشبه بعضه بعضاً في النظم وغيره { مثانَي } ثني فيه الوعد والوعيد وغيرهما { تقشعر منه } ترتعد عند ذكره وعيده { جلود الذين يخشوْن } { يخافون ربهم ثم تلين } تطمئن { جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اله } أي عند ذكر وعده { ذلك } أي الكتاب { هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد } .