تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (34)

ثم قال متهددا ومتوعدا لمن كفر به : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ } أي : يقال لهم : أما هذا حق ؟ أفسحر هذا ؟ أم أنتم لا تبصرون ؟ { قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا } أي : لا يسعهم إلا الاعتراف ، { قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (34)

موقع هذا الكلام أن عرض المشركين على النار من آثار الجزاء الواقع بعد البعث ، فلما ذكر في الآية التي قبلها الاستدلال على إمكان البعث أعقب بما يحصل لهم يوم البعث جمعاً بين الاستدلال والإنذار ، وذكر من ذلك ما يقال لهم مما لا ممندوحة لهم عن الاعتراف بخطئهم جمعاً بين ما رُدّ به في الدنيا من قوله : { بلى } [ الأحقاف : 33 ] وما يُردون في علم أنفسهم يوم الجزاء بقولهم : { بلى وربنا } . والجملة عطف على جملة { أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض } [ الأحقاف : 33 ] الخ . وأول الجملة المعطوفة قوله : { أليسَ هذا بالحق } لأنه مقول فعل قول محذوف تقديره : ويُقال للذين كفروا يوم يعرضون على النار .

وتقديم الظرف على عامله للاهتمام بذكر ذلك اليوممِ لزيادة تقريره في الأذهان .

وذِكر { الذين كفروا } إظهار في مقام الإضمار للإيماء بالموصول إلى علة بناء الخبر ، أي يقال لهم ذلك لأنهم كفروا . والإشارة إلى عذاب النار بدليل قوله بعده { قال فذوقوا العذاب } . والحق : الثابت .

والاستفهام تقريري وتنديمٌ على ما كانوا يزعمون أن الجزاء باطل وكَذب ، وقالوا { وما نحن بمعذبين } [ الصافات : 59 ] ، وإنما أقسموا على كلامهم بقسم { وربّنا } قسماً مستعملاً في الندامة والتغليظ لأنفسهم وجعلوا المقسم به بعنوان الرب تَحَنُّناً وتخضُّعاً . وفرع على إقرارهم { فذوقوا العذاب } . والذوق مجاز في الإحساس . والأمر مستعمل في الإهانة .