فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (34)

{ ويوم يعرض الذين كفروا على النار } أي يقال ذلك اليوم للذين كفروا .

{ أليس هذا بالحق } وهذه الجملة هي المحكية بالقول والإشارة بهذا إلى ما هو مشاهد لهم يوم عرضهم على النار ، وفي الاكتفاء بمجرد الإشارة من التهويل للمشار إليه والتفخيم لشأنه ما لا يخفى ، كأنه أمر لا يمكن التعبير عنه بلفظ يدل عليه .

{ قالوا بلى وربنا } اعترفوا حين لا ينفعهم الاعتراف ، وأكدوا هذا الاعتراف بالقسم لأن المشاهدة هي حق اليقين الذي لا يمكن جحده ولا إنكاره ولأنهم يطمعون في الخلاص بالاعتراف بحقية ما هم فيه { قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } أي بسبب كفركم بهذا في الدنيا وإنكاركم له ، وفي هذا الأمر لهم بذوق العذاب توبيخ بالغ وتهكم عظيم ، ولما قرر سبحانه الأدلة على النبوة والتوحيد والمعاد أمر رسوله بالصبر فقال :

{ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } إصبر أو ثق بحكم الله ، والثبات من غير بث ولا استكراه قاله القشيري ، والفاء جواب شرط محذوف أي إذا عرفت ذلك وقامت عليه البراهين ولم ينجح في الكافرين فاصبر كما صبر أرباب الثبات والحزم وأولو الجد والصبر فإنك منهم .

قال مجاهد : أولو العزم من الرسل خمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ، وهم أصحاب الشرائع ، وبه قال ابن عباس . وقال أبو العالية : هم نوح وهود وإبراهيم ، فأمر الله رسوله أن يكون رابعهم . وقال السدي هم ستة : إبراهيم وموسى وداود وسليمان وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم وقيل نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وموسى . وقال ابن جريج : إن منهم إسماعيل ويعقوب وأيوب وليس منهم يونس .