السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَيَوۡمَ يُعۡرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ قَالَ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (34)

ولما أثبت البعث بما أقام من الدلائل ، ذكر بعض ما يحصل في يومه من الأهوال بقوله تعالى : { ويوم } أي : واذكر يوم { يعرض } أي : بأيسر أمر من أوامرنا { الذين كفروا } أي : ستروا بغفلتهم وتماديهم الأدلة الظاهرة { على النار } عرض الجند على الملك ، فيسمعون من تغيظها وزفيرها ما لو قدّر أن أحداً يموت في ذلك اليوم لماتوا من معاينته ، وهائل رؤيته ثم يقال لهم { أليس هذا } أي : الأمر الذي كنتم به توعدون ، ولرسلنا في إخبارهم به تكذبون { بالحق } أي : الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع ، أم هو خيال وسحر { قالوا } أي : مصدّقين حيث لا ينفعهم التصديق { بلى } وما كفاهم البدار إلى تكذيب أنفسهم حتى أقسموا عليه بقولهم : { وربنا } أي إنه لحق هو أثبت الأشياء ، وليس فيه شيء مما يقارب السحر .

تنبيه : المقصود من هذا الاستفهام التحكم والتوبيخ على استهزائهم بوعد الله تعالى ووعيده . { قال فذوقوا العذاب } أي : باشروه مباشرة الذائق باللسان . ومعنى الأمر ؛ الإهانة بهم والتوبيخ لهم ثم صرّح بالسبب فقال تعالى : { بما كنتم } أي : خلقاً مستمرّاً { تكفرون } في دار العمل .