تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (28)

وقوله : { وَهُوَ الَّذِي يُنزلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا } أي : من بعد إياس الناس من نزول المطر ، ينزله عليهم في وقت حاجتهم وفقرهم إليه ، كقوله : { وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنزلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } [ الروم : 49 ] .

وقوله : { وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ } أي : يعم بها الوجود على أهل ذلك القُطْر وتلك الناحية .

قال قتادة : ذكر لنا أن رجلا قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين ، قُحط المطر وقنط الناس ؟ فقال عمر ، رضي الله عنه : مطرتم ، ثم قرأ : { وَهُوَ الَّذِي يُنزلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ } {[25881]} .

{ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ } أي : هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم ، وهو المحمود العاقبة في جميع ما يقدره ويفعله .


[25881]:- (1) رواه الطبري في تفسيره (25/19).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (28)

هذه تعديد نعمة الله تعالى الدالة على وحدانيته ، وأنه الإله الذي يستحق أن يعبد دون سواه من الأنداد .

وقرأ «يُنَزِّل » مثقلة جمهور القراء ، وقرأها «يُنْزِل » مخففة ابن وثاب والأعمش ، ورويت عن أبي عمرو ، ورجحها أبو حاتم ، وقرأ جمهور الناس : «قنَطوا » بفتح النون ، وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش : بكسر النون ، وقد تقدم ذكرها وهما لغتان : قنَط ، وقنِط ، وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قيل له : أجدبت الأرض وقنط الناس ، فقال : مطروا إذاً ، بمعنى أن الفرج عند الشدة ، واختلف المتأولون في قوله تعالى : { وينشر رحمته } فقالت فرقة : أراد بالرحمة المطر ، وعدد النعمة بعينها بلفظتين : الثاني منهما يؤكد الأول . وقالت فرقة : الرحمة في هذا الموضع الشمس ، فذلك تعديد نعمة غير الأولى ، وذلك أن المطر إذا ألم بعد القنط حسن موقعه ، فإذا دام سئم ، فتجيء الشمس بعده عظيمة الموضع .

وقوله تعالى : { وهو الولي الحميد } أي من هذه أفعاله فهو الذي ينفع إذا والى وتحمد أفعاله ونعمه ، لا كالذي لا يضر ولا ينفع من أوثانكم .