التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (28)

ثم ساق - سبحانه - بعد ذلك ألوانا من نعمه على عباده ، وكلها تدل على وحدانيته وكمال قدرته فقال - تعالى - : { وَهُوَ الذي يُنَزِّلُ الغيث مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ } .

أى : وهو - سبحانه - الذى ينزل المطر على عباده ، من بعد أن انتظروه فترة طويلة حتى ظهرت على ملامحهم علامات اليأس ، وبدأت على وجوههم أمارات القنوط .

وقوله - تعالى - : { وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } معطوف على { يُنَزِّلُ } . أى : ينزل الأمطار بعد يأس الناس من نزولها ، وينشر رحمته عليهم عن طريق ما ينتج عن هذه الأمطار من خيرات وبركات وأرزاق .

{ وَهُوَ } - سبحانه - { الولي } أى : الذى يتولى عباده برحمته وإحسانه { الحميد } أى : المحمود على فعله ، حيث أنزل على عباده الغيث بعد أن ينسوا منه ، والمتأمل فى هذه الآية الكريمة يراها تصور جانبا من فضل الله على عباده بطريقة محسوسة ، فالتعبير بالغيب يشعر بالغوث والنجدة بعد أن فقد الناس الأمل فى ذلك ، والتعبير بالقنوط .

يشعر بأن آثار الضيق قد ظهرت على وجوههم ، والتعبير بقوله - تعالى - { وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } ، يشعر بانتشار الرجاء والفرح والانشراح على الوجوه بعد أن حل بها القنوط .

والتعبير بقوله - تعالى - : { وَهُوَ الولي الحميد } يشعر بقرب الله - تعالى - من عباده ، وبوجوب شركه على ما أعطى بعد المنع ، وعلى ما فرج بعد الضيق .