اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (28)

قوله تعالى : { وَهُوَ الذي يُنَزِّلُ الغيث } أي المطر { مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ } من بعد ما يئس الناسُ منه . وإنزال الغيب بعد القنوط أدعى إلى الشكر ؛ لأن الفرح بحصول النعمة بعد البلية أتمُّ .

قال الزمخشري : قرئ قنطوا ، بفتح النون وكسرها{[49322]} . ( فأما فتح النون فهي قراءة العامة ، وأما كسرها فهي قراءة يحيى بن وثَّاب ، والأعمش{[49323]} وهي لغة وعليها قراءة : { يَقْنَطُ } [ الحجر : 56 ] { لاَ تَقْنَطُواْ } [ الزمر : 53 ] بفتح النون في المتواتر . ولم يقرأ في الكسر في الماضي إلا شاذاً و«ما » مصدرية أي من بعد قُنُوطِهِمْ ){[49324]} . قال مقاتل : حبس الله المطر عن أهل مكة سبع سنين حين قنطوا ، ثم أنزل الله المطر فذكرهم الله نعمه .

قوله : { وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } يبسط مطره ، كما قال : { وَهُوَ الذي يُرْسِلُ الرياح بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } [ الأعراف : 57 ] وهو الولي الحميد . «الوَلِيُّ » : الذي يتولى عباده بإحسانه «الحَميد » المحمود على ما يوصل إلى الخلق من الرحمة وقيل : «الولي » لأهل طاعته ، «الحميد » عند خلقه .


[49322]:الكشاف 3/469.
[49323]:وهي من الأربع فوق العشر انظر الإتحاف 383، ثم الكشاف السابق والبحر المحيط 7/518.
[49324]:ما بين القوسين ساقط من ب.