يذكر تعالى أنه خاطب موسى [ عليه السلام ]{[12124]} بأنه اصطفاه على عالمي زمانه برسالاته وبكلامه{[12125]} تعالى ولا شك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم من الأولين والآخرين ؛ ولهذا اختصه الله بأن جعله خاتم الأنبياء والمرسلين ، التي{[12126]} تستمر شريعته إلى قيام الساعة ، وأتباعه أكثر من أتباع سائر الأنبياء والمرسلين كلهم ، وبعده في الشرف والفضل إبراهيم الخليل ، عليه السلام ، ثم موسى [ بن عمران ]{[12127]} كليم الرحمن ، عليه السلام ؛ ولهذا قال الله تعالى له : { فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ } أي : من الكلام [ والوحي ]{[12128]} والمناجاة { وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } أي : على ذلك ، ولا تطلب ما لا طاقة لك به .
ثم إن الله تعالى قرر موسى على آلائه عنده على جهة الإخبار وقَّنعه بها وأمره بالشكر عليها ، وكأنه قال : ولا تتعداها إلى غيرها ، و «اصطفى » أصله : اصتفى ، وهو افتعل من صفا يصفو انقلبت التاء طاء لمكان الصاد ، ومعناه تخيرتك وخصصتك ، ولا تستعمل إلا في الخير والمتن ، لا يقال اصطفاه لشر ، وقوله { على الناس } عام والظاهر من الشريعة أن موسى مخصص بالكلام وإن كان قد روي في تكليم الله غيره أشياء بما يشاء من أعظمها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن آدم فقال هو نبي مكلَّم .
قال القاضي أبو محمد : إلا أن ذلك قد تأول أنه كان في الجنة فيتحفظ على هذا تخصيص موسى ، ويصح أن يكون قوله { على الناس } عموماً مطلقاً في مجموع الدرجتين الرسالة والكلام . وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو وعاصم وابن عامر «برسالاتي » على الجمع إذ الذي أرسل به ضروب ، وقرأ ابن كثير ونافع «برسالتي » على الإفراد الذي يراد به الجمع وتحل الرسالة هاهنا محل المصدر الذي هو الإرسال ، وقرأ جمهور الناس و «بكلامي » ، وقرأ أبو رجاء «برسالتي وبكلمتي » ، وقرأ الأعمش «برسالاتي وبكلمي » ، وحكى عنه المهدوي «وتكليمي » على وزن تفعيلي ، وقوله { فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين } تأديب وتقنيع وحمل على جادة السلامة ومثال لكل أحد في حاله ، فإن جميع النعم من عنده بمقدار وكل الأمور بمرأى من الله ومسمع .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.