تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّي ٱصۡطَفَيۡتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِي وَبِكَلَٰمِي فَخُذۡ مَآ ءَاتَيۡتُكَ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (144)

الآية 144 وقوله تعالى : { قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي } سمّى الله عز وجل ، موسى وسائر الأنبياء ، صلوات الله عليهم وسلامه ، بأسماء الجوهر موسى وعيسى وموح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ، وسمّى نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم ، نبيا رسولا وذلك يدل على تفضيله ، وكذلك سمّى سائر الأمم المتقدمة ؛ يا بني إسرائيل ، ويا بني آدم ، وسمى أمّة محمد صلى الله عليه وسلم ، : { يا أيها الذين آمنوا } [ النساء : 59 ] وقال : { كنتم خير أمّة } [ آل عمران : 110 ] ونحوه . فذلك يدل على تفضيل أمّة محمد على غيرها من الأمم .

وقوله تعالى : { إني اصطفيتك على الناس برسالتي وبكلامي } كان مصطفى ومفضّلا بالكلام على الناس ، كافة ، الأنبياء وغيرهم ؛ لأن الله تعالى لم يكلم أحدا من الرسل إلا بسفير سوى موسى ، فإنه كلّمه ، ولم يكن بينهما سفير . وأما قوله : { اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي } على ناس زمانه وأهله خاصة .

ويحتمل : { برسالاتي } التي بين موسى وبين الله تعالى .

وهذا ينقض على المعتزلة قولهم : إن الله تعالى لا يرسل رسولا ، وهو يستحق الرسالة ، ولو كان طريقه الاستحقاق لا الإفضال والإحسان ، لم يكن للامتنان معنى . دل أن طريقه الإفضال والإحسان لا الاستحقاق ، والله أعلم .

وعلى قول المعتزلة لا يكون الله مصطفيا موسى ولا غيره من الأنبياء ، ولكن هم الذين اصطفوا أنفسهم .

وقوله تعالى : { فخذ ما آتيتك } يخرّج على وجهين :

أحدهما : القبول ، أي اقبل ما أعطيتك كقوله{[8939]} تعالى : { خذ من أموالهم صدقة } [ التوبة : 103 ] .

والثاني{[8940]} يحتمل قوله تعالى : { فخذ ما آتيتك } أي اعمل بأحسن العمل { وكن من الشاكرين } [ لنعمه التي ]{[8941]} أنعمها عليك من التكليم والرسالة [ وغيرهما من النعم ]{[8942]} والله الموفق .


[8939]:قي الأصل وم: كقولهم.
[8940]:في الأصل وم: و.
[8941]:من م، ساقطة من الأصل.
[8942]:في الأصل وم: وغيرها من النعيم.