غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّي ٱصۡطَفَيۡتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَٰلَٰتِي وَبِكَلَٰمِي فَخُذۡ مَآ ءَاتَيۡتُكَ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (144)

142

ثم لما سأل الرؤية ومنعه الله إياها أخذ في تعداد سائر نعمه عليه وأمره أن يشتغل بشكرها { فقال يا موسى إني اصطفيتك } الآية . والمقصود تسلية موسى عن منع الرؤية . قيل : وفي هذا دليل على جواز الرؤية في نفسها وإلا لم يكن إلى هذا العذر حاجة . وإنما قال { اصطفيتك على الناس } ولم يقل «على الخلق » لأن الملائكة قد تسمع كلام الله تعالى من غير واسطة كما سمعه موسى . والغرض أنه تعالى خصه من دون الناس بمجموع أمرين الرسالة والكلام وسائر الرسل لهم الرسالة فقط . وإنما كان الكلام بلا وسط سبباً للشرف بناء على العرف الظاهر وقد جاء في الخبر أن نبينا صلى الله عليه وسلم رأى ربه ليلة المعراج بعين الرأس . وفي ذلك دليل على أفضليته على موسى شتان بين من اتخذه الملك لنفسه حبيباً وقرّبه إليه بلطفه تقريباً وبين من قرب له الحجاب وحال بينه وبين المقصود بواب ونواب . والمزاد بالرسالات هاهنا أسفار التوراة { فخذ ما أتيتك } من شرف الرسالة والكلام { وكن من الشاكرين } لله على ذلك بأن تشتغل بلوازمها علماً وعملاً .

/خ154