تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

قال ابن مسعود وابن عباس ، ومسروق ، وسعيد بن جبير ، وأبو صالح ، وأبو الضحى ، والسُّدي : { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا } الملائكة ، يعنون حين تنزع أرواح بني آدم ، فمنهم من تأخذ روحه بعُنف فَتُغرق في نزعها ، و[ منهم ]{[29680]} من تأخذ روحه بسهولة وكأنما حَلَّته من نشاط ، وهو قوله : { وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } قاله ابن عباس .

وعن ابن عباس : { والنازعات } هي أنفس الكفار ، تُنزع ثم تُنشَط ، ثم تغرق في النار . رواه ابن أبي حاتم .

وقال مجاهد : { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا } الموت . وقال الحسن ، وقتادة : { وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا } هي النجوم .

وقال عَطَاءُ بنُ أبي رَباح في قوله : { والنازعات } و { الناشطات } هي القسيّ في القتال . والصحيح الأول ، وعليه الأكثرون .


[29680]:- (1) زيادة من م.

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلنَّـٰشِطَٰتِ نَشۡطٗا} (2)

و اختلف المتأولون في { الناشطات } ، فقال ابن عباس ومجاهد : هي الملائكة لأنها تنشط النفوس عند الموت ، أي تحلها كحل العقال وتنشط بأمر الله أي حيث كان ، وقال مجاهد : { النشاطات } : المنايا ، وقال ابن عباس أيضاً وقتادة والأخفش والحسن : { الناشطات } النجوم لأنها تنشط من أفق إلى أفق ، أي تذهب وتسير بسرعة ، ومن ذلك قيل البقر الوحش النواشط لأنهن يذهبن بسرعة من موضع إلى آخر ، وقال عطاء : { الناشطات } في الآية : البقرة الوحشية وما جرى مجراها من الحيوان الذي ينشط من قطر إلى قطر ، ومن هذا المعنى قول الشاعر [ همان بن قحافة ] : [ الرجز ]

أرى همومي تنشط المناشطا*** الشام بي طوراً وطوراً واسطا{[11596]}

وكأن هذه اللفظة في هذا التأويل مأخوذة من النشاط ، وقال عطاء أيضاً وعكرمة : { الناشطات } الأوهاق{[11597]} . ويقال : نشطت البعير والإنسان إذا ربطته ونشطته : إذا حللته ، وحكاه الفراء وخولف فيه ومنه الحديث «كأنما أنشط من عقال »{[11598]} ، وقال ابن عباس أيضاً : { الناشطات } النفوس المؤمنة تنشط عند الموت للخروج .


[11596]:البيت لهيمان بن قحافة، وهو في اللسان شاهد على أن الهموم تنشط بصاحبها. وواسط تطلق على مدن ومواضع كثيرة، ولكن أشهرها وأقربها إلى الذكر مدينة بين البصرة والكوفة، وسميت بذلك لتوسطها تماما بين المدينتين.
[11597]:الأوهاق: جمع وهق –بفتح الهاء وقد تسكن – والوهق: الحبل تشد به الإبل والخيل لئلا تفر، ويقال: لا بد في طرفه من أنشوطة.
[11598]:أخرجه أبو داود في البيوع والطب. وهو عن الذي أصابه السحر يبرأ منه. ومعنى "أنشط" فيه" حل، والمألوف أن الجمل إذا حل عقاله نهض بسرعة.