تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (13)

ثم بين تعالى إعجاز القرآن ، وأنه لا يستطيع البشر الإتيان بمثله ، ولا بعشر سور [ من ]{[14518]} مثله ، ولا بسورة من مثله ؛ لأن كلام الرب لا يشبهه كلام المخلوقين ، كما أن صفاته لا تشبه صفات المحدثات{[14519]} ، وذاته لا يشبهها شيء ، تعالى وتقدس وتنزه ، لا إله إلا هو ولا رب سواه .


[14518]:- زيادة من ت.
[14519]:- في ت ، أ : "المخلوقين".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (13)

{ أم يقولون افتراه } { أم } منقطعة والهاء { لما يوحى } . { قل فأتوا بعشر سور مثله } في البيان وحسن النظم تحداهم أولا بعشر سور ثم لما عجزوا عنها سهل الأمر عليهم وتحداهم بسورة ، وتوحيد المثل باعتبار كل واحدة . { مُفتريات } مختلقات من عند أنفسكم إن صح أني اختلقته نم عند نفسي فإنكم عرب فصحاء مثلي تقدرون على مثل ما أقدر عليه بل أنتم لتعلمكم القصص والأشعار وتعودكم القريض والنظم . { وادعوا من استطعتم من دون الله } إلى المعاونة على المعارضة . { إن كنتم صادقين } أنه مفترى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (13)

وقوله تعالى : { أم يقولون } الآية ، هذه { أم } التي هي عند سيبويه بمعنى بل وألف الاستفهام ، كأنه أضرب عن الكلام الأول ، واستفهم في الثاني على معنى التقرير ، كقولهم : إنها لإبل أم شاء ، و «الافتراء أخص من الكذب ، ولا يستعمل إلا فيما بهت به المرء وكابر ، وجاء بأمر عظيم منكر ، ووقع التحدي في هذه الآية { بعشر } لأنه قيدها بالافتراء ، فوسع عليهم في القدر لتقوم الحجة غاية القيام ، إذ قد عجزهم في غير هذه الآية

{ بسورة من مثله } [ البقرة : 23 ، يونس : 38 ] دون تقييد فهذه مماثلة تامة في غيوب القرآن ومعانيه الحجة ، ونظمه ووعده ووعيده وعجزوا في هذه الآية بل قيل لهم عارضوا القدر منه بعشر أمثاله في التقدير والغرض واحد واجعلوه مفترى لا يبقى لكم إلا نظمه فهذه غاية التوسعة ؛ وليس المعنى عارضوا عشر سور بعشر ، لأن هذه إنما كانت تجيء معارضة سورة بسورة مفتراة ولا تبالي عن تقديم نزول هذه على هذه : ويؤيد هذا النظر أن التكليف في آية البقرة إنما هو بسبب الريب ، ولا يزيل الريب إلا العلم بأنهم لا يقدرون على المماثلة التامة ؛ وفي هذه الآية إنما التكليف بسبب قولهم { افتراه } فكلفوا نحو ما قالوا : ولا يطرد هذا في آية يونس . وقال بعض الناس : هذه مقدمة في النزول على تلك ، ولا يصح أن يعجزوا في واحدة فيكلفوا عشراً ؛ والتكليفان سواء ، ولا يصح أن تكون السورة الواحدة إلا مفتراة ، وآية سورة يونس في تكليف سورة متركبة على قولهم : { افتراه } وكذلك آية البقرة وإنما ريبهم بأن القرآن مفترى .

قال القاضي أبو محمد : وقائل هذا القول لم يلحظ الفرق بين التكليفين : في كمال المماثلة مرة ، ووقوفها على النظم مرة .

و { من } في قوله : { من استطعتم } يراد بها الآلهة والأصنام والشياطين وكل ما كانوا يعظمونه ، وقوله : { إن كنتم صادقين } يريد في أن القرآن مفترى .