تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ فَلِلَّهِ ٱلۡحُجَّةُ ٱلۡبَٰلِغَةُۖ فَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (149)

وقوله تعالى : { قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } يقول [ تعالى ]{[11332]} لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قُلْ } لهم - يا محمد : { فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ } أي : له الحكمة التامة ، والحجة البالغة في هداية من هَدى ، وإضلال من أضل ، { فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } وكل ذلك بقدرته ومشيئته واختياره ، وهو مع ذلك يرضى عن المؤمنين ويُبْغض الكافرين ، كما قال تعالى : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى } [ الأنعام : 35 ] ، وقال تعالى : { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ [ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ] }{[11333]} [ يونس : 99 ] ، وقوله{[11334]} { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [ هود : 118 ، 119 ] .

قال الضحاك : لا حجة لأحد عصى الله ، ولكن لله الحجة البالغة على عباده .


[11332]:زيادة من م.
[11333]:زيادة من م، أ.
[11334]:في م: "وقال تعالى".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ فَلِلَّهِ ٱلۡحُجَّةُ ٱلۡبَٰلِغَةُۖ فَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (149)

{ قل فلله الحجة البالغة } البينة الواضحة التي بلغت غاية المتانة والقوة على الإثبات ، أو بلغ بها صاحبها صحة دعواه وهي من الحج بمعنى القصد كأنها تقصد إثبات الحكم وتطلبه . { فلو شاء لهداكم أجمعين } بالتوفيق لها والحمل عليها ولكن شاء هداية قوم وضلال آخرين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُلۡ فَلِلَّهِ ٱلۡحُجَّةُ ٱلۡبَٰلِغَةُۖ فَلَوۡ شَآءَ لَهَدَىٰكُمۡ أَجۡمَعِينَ} (149)

ثم أعقب تعالى أمره نبيه صلى الله عليه وسلم بتوقيف المشركين على موضع عجزهم بأمره إياه بأن يقول مبيناً مفصحاً { فلله الحجة البالغة } يريد البالغة غاية المقصد في الأمر الذي يحتج فيه ، ثم أعلم بأنه لو شاء لهدى العالم بأسره .

قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذه الآية ترد على المعتزلة في قولهم إن الهداية والإيمان إنما هي من العبد لا من الله ، فإن قالوا معنى { لهداكم } لاضطركم إلى الهدى فسد ذلك بمعتقدهم أن الإيمان الذي يريد الله من عباده ويثيب عليه ليس الذي يضطر إليه العبد ، وإنما هو عندهم الذي يقع من العبد وحده .