تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَآءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنٗا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَيۡهِ دَلِيلٗا} (45)

من هاهنا شرع تعالى في بيان الأدلة الدالة على وجوده ، وقدرته التامة على خلق الأشياء المختلفة والمتضادة ، فقال : { أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ } ؟ قال ابن عباس ، وابن عمر ، وأبو العالية ، وأبو مالك ، ومسروق ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم النَّخَعِي ، والضحاك ، والحسن البصري ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم : هو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس . { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا } أي : دائما لا يزول ، كما قال تعالى : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } ، { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } [ القصص : 71 - 72 ] .

وقوله : { ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا } أي : لولا أن الشمس تطلع عليه ، لما عرف ، فإن{[21540]} الضد لا يعرف إلا بضده .

وقال قتادة ، والسّدي : دليلا يتلوه ويتبعه حتى يأتي عليه كله .


[21540]:- في ف : "وإن".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَآءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنٗا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَيۡهِ دَلِيلٗا} (45)

{ ألم تر إلى ربك } ألم تنظر إلى صنعه . { كيف مد الظل } كيف بسطه أو ألم تنظر إلى الظل كيف مده ربك ، فغير النظم إشعارا بأنه المعقول من هذا الكلام لوضوح برهانه وهو دلالة حدوثه وتصرفه على الوجه النافع بأسباب ممكنة على أن ذلك فعل الصانع الحكيم كالمشاهد المرئي فكيف بالمحسوس منه ، أو ألم ينته علمك إلى أن ربك كيف مد الظل وهو فيما بين طلوع الفجر والشمس وهو أطيب الأحوال فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس : يسخن الجو ويبهر البصر ، ولذلك وصف به الجنة فقال { وظل ممدود } . { ولو شاء لجعله ساكنا } ثابتا من السكنى أو غير متقلص من السكون بأن يجعل الشمس مقيمة على وضع واحد . { ثم جعلنا الشمس عليه دليلا } فإنه لا يظهر للحس حتى تطلع فيقع ضوؤها على بعض الأجرام ، أو لا يوجد ولا يتفاوت إلا بسبب حركتها .