غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَآءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنٗا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَيۡهِ دَلِيلٗا} (45)

21

ثم ذكر طرفا من دلائل التوحيد مع ما فيها من عظيم الأنعام فأولها الاستدلال من أحوال الظل والرؤية إما بمعنى البصر فالمراد : ألم تر إلى صنع ربك أو الم تر إلى الظل كيف مده ربك . وإما بمعنى العلم وهو ظاهر وذلك أن الظل متغير ولكل متغير موجد وصانع . والخطاب لكل من له أهلية النظر والاستدلال . وللكلام في تفسير الآية مجال إلا أن ملخص الأقوال فيه اثنان : الأول أن الظل أمر متوسط بين الضوء الخالص والظلمة الخالصة كالكيفيات الحاصلة داخل السقوف الكاملة وأفنية الجدران وهو أعدل الأحوال ، لأن الظلمة الخالصة يكرهها الطبع وينفر عنها الحس والضوء الكامل لقوّته يبهر الحس البصري ويؤذي بالتسخين ، ولذلك وصف الجنة به في قوله : { وظل ممدود } [ الواقعة : 30 ] ثم إن الناظر في الظل إلى الجسم الملون كأنه لا يشاهد شيئاً سوى الجسم واللون ، فإذا طلعت الشمس ووقع ضوءها على الجسم زال ظلمه فيظهر للعقول أنه كيفية زائدة على ما شاهده أوّلاً . فمعنى الآية : ألم تر إلى عجيب صنع ربك { كيف مدّ الظل } أي جعله ممتداً منبسطاً على الأجسام . { ولو شاء لجعله ساكناً } لاصقاً بكل مظل . { ثم جعلنا الشمس } على وجوده { دليلاً } فلولا الشمس ووقوع ضوئها على الأجرام لما عرف أن للظل وجوداً ، لأن الأشياء إنما تعرف بأضدادها : { ثم قبضناه } .

/خ50