قوله تعالى{[36287]} : { أَلَمْ تَرَ إلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظل } الآية . لما بين جهل المعرضين عن دلائل التوحيد ، وبين فساد طريقهم ذكر أنواعاً من الدلائل الدالة على وجود الصانع ، فأولها الاستدلال بحال الظل في زيادته ونقصانه ، وتغير أحواله{[36288]} قوله : «ألم تر » فيه وجهان{[36289]} :
والثاني : أنه من رؤية القلب ، يعني : العلم ، فإن حملناه على رؤية العين ، فالمعنى : أَلَمْ تَرَ إلى الظل كيف مده ربُّك ، وإن حملناه على العلم وهو اختيار الزجاج{[36290]} ، فالمعنى : ألم تعلم ، وهذا أولى ، لأن الظل إذا جعلناه من المبصرات فتأثير قدرة الله في تمديده غير مرئي بالاتفاق ولكنه{[36291]} معلوم من حيث أن كل مبصر فله مؤثر ، فحمل هذا اللفظ على رؤية القلب أولى من هذا الوجه{[36292]} . وهذا الخطاب وإن{[36293]} كان ظاهره للرسول فهو عام في المعنى ، لأن المقصود بيان نعم الله تعالى{[36294]} بالظل ، وجميع المكلفين مشتركون في تنبيههم لهذه{[36295]} النعمة{[36296]} و «كَيْفَ » منصوبة ب «مَدَّ » ، وهي معلقة ل «تَرَ » فهي في موضع نصب{[36297]} ، وقد تقدم القول في «أَلَمْ تَرَ »{[36298]} .
فصل{[36299]}
الظل عبارة عن عدم الضوء مما شأنه أن يضيء ، وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، جعله ممدوداً ، لأنه ظل لا شمس{[36300]} معه ، كما قال في ظل الجنة { وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ } [ الواقعة : 30 ] إذ{[36301]} لم يكن معه شمس{[36302]} ، { وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً } دائماً ثابتاً{[36303]} لا يزول ولا تذهبه{[36304]} الشمس{[36305]} .
وقال أبو عبيدة : الظل ما نسخته الشمس وهو بالغداة ، والفيء ما نسخ الشمس{[36306]} . سمي فيئاً ، لأنه فاء من جانب المغرب إلى جانب المشرق{[36307]} ، { ثُمَّ جَعَلْنَا الشمس عَلَيْهِ دَلِيلاً } ، أي : على الظل دليلاً ، ومعنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس لما عرفت الظل ، ولولا النور ما عرف الظلمة ، والأشياء تُعْرَفُ بأضدادها{[36308]} .
قال الزمخشري : فإن قُلتَ : «ثم »{[36309]} في هذين الموضعين كيف موقعها قلت موقعها لبيان تفاضل{[36310]} الأمور الثلاث{[36311]} ، كأن الثاني أعظم من الأول ، والثالث أعظم منهما تشبيهاً لتباعد ما بينهما في الفضل بتباعد ما بينهما{[36312]} في الوقت{[36313]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.