تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيۡفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوۡ شَآءَ لَجَعَلَهُۥ سَاكِنٗا ثُمَّ جَعَلۡنَا ٱلشَّمۡسَ عَلَيۡهِ دَلِيلٗا} (45)

[ الآية 45 ] وقوله تعالى : { ألم تر } قد ذكرنا في غير موضع أن حرف { ألم تر } هو حرف تعجيب واستفهام ، لكنه{[14463]} في الحقيقة على الإيجاب ؛ أي قد رأيت .

وقوله تعالى : { ألم تر إلى ربك } أي إلى تدبير ربك ولطفه{[14464]} : { كيف مد الظل } وهو لا يؤذي ، ولا يضر ، ولا يمس ولا يشعر به أحد ، ولا يخف ، ولا يستر ، ولا يكشف عن وجود الأشياء .

[ إنما النور ]{[14465]} هو الكاشف عن وجوه الأشياء ، والظلمة هي الساترة لذلك .

ونحو ذلك مما يكثر ذكره مما يحيط بالخلائق كلها ليعمل أن [ من ]{[14466]} المحسوسات التي تقع عليها الحواس ما لا تدرك حقيقته : من نحو الظل الذي ذكرنا . هو ما [ لا ]{[14467]} تدرك حقيقته ، ومن نحو السمع والبصر والعقل والنطق ليعلم أن الذي سبيل معرفته الاستدلال ، وهو منشئ هذه الأشياء ، أحق ألا يدرك ، ولا يحاط بتدبيره ولطفه ، ليعلم أن من بلغ تدبيره ولطفه هذا المبلغ ، لا يحتمل أن يعجزه شيء ، أو يخفى عليه شيء ؛ يخبر عن قدرته و تدبيره ولطفه ليعلم أنه قادر ومدبر [ ولطيف بذاته ]{[14468]} .

وقوله تعالى : { ولو شاء لجعله ساكنا } أي دائما{[14469]} ، لا يذهب أبدا ، ولا تصيبه الشمس ، ولا يزول .

وقال بعضهم : { ساكنا } أي مستقرا دائما ، لا تنسخه الشمس كظل الجنة .

وقوله تعالى : { ثم جعلنا الشمس عليه دليلا } [ قال بعضهم : أي تليه ، وتتبعه ، حتى تأتي على كله . وقال بعضهم : قوله : { ثم جعلنا الشمس عليه دليلا } ]{[14470]} يقول : حيثما [ تكن الشمس يكن ]{[14471]} الظل .

وأصله : أنه بالشمس يعرف الظل أن ظل ، ولولا الشمس ما عرف الظل . فهي دليل معرفته وكونه أنه ظل .


[14463]:- في الأصل وم: لكن.
[14464]:- أدرج بعدها في الأصل وم: أن.
[14465]:- من م، ف يالأصل: والظلمة.
[14466]:- من م، ساقطة من الأصل.
[14467]:- من م، ساقطة من الأصل.
[14468]:- في الأصل وم: بذاته لطيف.
[14469]:- في الأصل وم: دائبا.
[14470]:- من م، ساقطة من الأصل.
[14471]:- في الأصل: يكون، في م: تكون الشمس يكون.