تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ لَّا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُۥ قَوۡلٗا} (109)

يقول تعالى : { يَوْمَئِذٍ } أي : يوم القيامة { لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ } أي : عنده { إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلا } كقوله : { مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ } [ البقرة : 255 ] ، وقوله : { وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى } [ النجم : 26 ] ، وقال : { وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى } [ الأنبياء : 28 ] وقال : { وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } [ سبأ : 23 ] ، وقال : { يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا } [ النبأ : 38 ] .

وفي الصحيحين ، من غير وجه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد ولد آدم ، وأكرم الخلائق على الله عز وجل أنه قال : " آتي تحت العرش ، وأخر{[19504]} لله ساجدًا ، ويَفْتَح عليّ بمحامد لا أحصيها الآن ، فيدعني{[19505]} ما شاء الله أن يدعني ، ثم يقول : يا محمد ، ارفع رأسك ، وقل يسمع{[19506]} واشفع تشفع " . قال : " فيحد لي حدًّا ، فأدخلهم الجنة ، ثم أعود " ، فذكر أربع مرات ، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء .

وفي الحديث [ أيضًا ]{[19507]} يقول تعالى : أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان ، فَيُخْرِجُون خلقا كثيرا ، ثم يقول : أخرجوا من النار من كان في قلبه نصف مثقال من إيمان ، أخرجوا من النار من كان في قلبه ما يزن ذرّة ، من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرّة من إيمان " الحديث . {[19508]}


[19504]:في ف، أ: "فأخر".
[19505]:في ف: "ويدعني".
[19506]:في ف: "تسمع".
[19507]:زيادة من ف، أ.
[19508]:انظر: أحاديث الشفاعة عند تفسير الآية: 79 من سورة الإسراء.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ لَّا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُۥ قَوۡلٗا} (109)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ لاّ تَنفَعُ الشّفَاعَةُ إِلاّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرّحْمََنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } .

يقول تعالى ذكره يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشّفاعَةُ إلاّ شفاعة مَنْ أذِنَ لَهُ الرّحْمَنُ أن يشفع وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ، وأدخل في الكلام له دليلاً على إضافة القول إلى كناية «مَنْ » وذلك كقول القائل الاَخر : رضيت لك عملك ، ورضيته منك ، وموضع مَن من قوله إلاّ مَنْ أذِنَ لَهُ نصب لأنه خلاف الشفاعة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَوۡمَئِذٖ لَّا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُۥ قَوۡلٗا} (109)

و { من } في قوله { إلا من } يحتمل أن يكون الاستثناء متصلاً وتكون { من } في موضع نصب يراد بها المشفوع له فكأن المعنى{ إلا من أذن له الرحمن } في أن يشفع له ، ويحتمل أن يكون الاستثناء منقطعاً على تقدير » لكن من أذن له الرحمن يشفع « ، ف { من } في موضع نصب بالاستثناء ويصح أن يكون في موضع رفع كما يجوز الوجهان في قولك ما في الدار أحد إلا حماراً وإلا حمار والنصب أوجه { من } على هذه التأويلات للشافع ويحتمل أن تكون للمشفوع فيه .