فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَئِذٖ لَّا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُۥ قَوۡلٗا} (109)

{ يومئذ } أي يوم يقع ما ذكرنا { لا تنفع شفاعة } من شافع كائنا من كان { إلا } شفاعة { من أذن له الرحمن } في أن يشفع لغيره ، وبه بدأ القاضي كالكشاف لما فيه من تعظيم الشافع ، واللام للتعليل ، أي لأجله .

{ ورضي له قولا } أي رضي قوله في الشفاعة ، أو رضي لأجله قول الشافع ، والمعنى إنما تنفع الشفاعة لمن أذن له الرحمن في أن يشفع له وكان له قول يرضى ، ومثل هذه الآية قوله : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى } . وقوله { لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا } . وقوله : { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } . وفيه دلالة على أنه لا يشفع أحد لأحد إلا لمن يأذن الله له فيها ، فلا شفاعة إلا بإذن منه سبحانه ، وهذا يدل على أنه لا يشفع لغير المؤمنين ؛ وبه صرح البغوي ؛ وهذه الآية من أقوى الدلائل على ثبوت الشفاعة في حق الفساق ، لأن قوله ورضي له قولا ، يكفي في صدقه أن يكون الله تعالى قد رضي له قولا واحدا من أقواله . والفاسق قد رضي الله من أقواله شهادة أن لا إله إلا الله فوجب أن تكون الشفاعة نافعة له بعد الإذن ، لأن الاستثناء من النفي إثبات . والجملة تفسير لمن يؤذن في الشفاعة له .