تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{يَوۡمَئِذٖ لَّا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ إِلَّا مَنۡ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُۥ قَوۡلٗا} (109)

105

109- { يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا } .

في ذلك اليوم ، لا تنفع الشفاعة أحدا من الناس ، إلا لمن أذن له الرحمن في الشفاعة ، ورضي سبحانه قول الشافع فيمن يشفع له .

إن الشفاعة في ذلك اليوم لا تتم إلا على أساس مقبول ؛ إذ يجب أن يكون المشفوع له من أهل لا إله إلا الله ، كما قال ابن عباس .

أي : يجب أن يكون من أهل التوحيد ، وأن تكون الشفاعة بالعدل والقسطاس المستقيم ، وهذا كقوله تعالى : { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه . . . } . ( البقرة : 255 ) .

وكقوله سبحانه : { ولا يشفعون إلا لمن ارتضى . . . } . ( الأنبياء : 28 ) .

وكقوله عز وجل : { وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى } . ( النجم : 26 ) .

وخلاصة القول : إنما تنفع الشفاعة لمن أذن له الرحمن في أن يشفع ، وكان له قول يُرضى .

قال عز شأنه : { يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلّمون إلا من أذن له الرّحمن وقال صوابا } . ( النبأ : 38 ) .

إنه يوم الدين أي : الجزاء العادل ، فلا ظلم في ذلك اليوم ، ولا مخالفة ، ولا حيف ؛ لأن الأمور كلها بيد الله سريع الحساب .

قال تعالى : { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبّة من خرذل أتينا بها وكفى بنا حاسبين } . ( الأنبياء : 47 ) .

وقد ورد في الصحيحين : أن الموقف إذا اشتد واشتد الزحام ، ألهم الناس أن الشفاعة للأنبياء ، فيذهبون إلى آدم ، ثم إلى نوح وإبراهيم وموسى وعيسى فيقول كل واحد منهم : نفسي نفسي ، إن الجبار غضب اليوم غضبا شديدا لم يغضب مثله ، ثم يذهبون إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيقول : أنا لها ، أنا لها ) ثم يذهب تحت العرش فيخرّ ساجدا لله تعالى ، ثم يلهمه الله من الثناء على الله والحمد لله بما هو له أهل ، ثم يقول سبحانه : ( يا محمد ، ارفع رأسك وقل يسمع قولك ، واشف تشفع ) فذلك قوله تعالى : { عسى أن يبعثك ربّك مقاما محمودا } . ( الإسراء : 79 ) .