تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

وقوله : { لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } ، كقوله : { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا } [ طه : 23 ] {[27639]} أي : الدالة على قدرتنا وعظمتنا . وبهاتين الآيتين استدل من ذهب من أهل السنة أن الرؤية تلك الليلة لم تقع ؛ لأنه قال : { لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } ، ولو كان رأى ربه لأخبر بذلك ولقال ذلك للناس ، وقد تقدم تقرير ذلك في سورة " سبحان " وقد قال الإمام أحمد :

حدثنا أبو النضر ، حدثنا محمد بن طلحة ، عن الوليد بن قيس ، عن إسحاق بن أبي الكَهْتَلة{[27640]} قال محمد : أظنه عن ابن مسعود - أنه قال : إن محمدا لم ير جبريل في صورته إلا مرتين ، أما مرة فإنه سأله أن يُريه نفسه في صورته ، فأراه صورته فسد الأفق . وأما الأخرى فإنه صَعد معه حين صعد به . وقوله : { وَهُوَ بِالأفُقِ الأعْلَى . ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى . فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى . فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } قال : فلما أحسَّ{[27641]} جبريل ربه ، عز وجل ، عاد في صورته وسجد . فقوله : { وَلَقَدْ رَآهُ نزلَةً أُخْرَى . عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى . عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى . إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى . مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى . لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } قال : خَلْقَ جبريل عليه السلام .

هكذا رواه الإمام أحمد ، وهو غريب{[27642]} .


[27639]:- (7) في م: "لنريه".
[27640]:- (8) في م، أ: "الكهبلة".
[27641]:- (1) في أ: "أخبر".
[27642]:- (2) المسند (1/407).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

وقوله : لَقَدْ رأَى مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى يقول تعالى ذكره : لقد رأى محمد هنالك من أعلام ربه وأدلته الأعلام والأدلة الكبرى . واختلف أهل التأويل في تلك الاَيات الكبرى ، فقال بعضهم : رأى رَفْرفا أخضر قد سدّ الأفق . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو هشام الرفاعي ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله لَقَدْ رأَى مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى قال : رفرفا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق .

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله ، فذكر مثله .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى قال : رفرفا أخضر قد سدّ الأفق .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الأعمش ، أن ابن مسعود قال : رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم رَفرفا أخضر من الجنة قد سدّ الأفق .

وقال آخرون : رأى جبريل في صورته . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لَقَدْ رأَى مِنْ آياتِ رَبّهِ الكُبْرَى قال : جبريل رآه في خلقه الذي يكون به في السموات ، قدر قوسين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما بينه وبينه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَقَدۡ رَأَىٰ مِنۡ ءَايَٰتِ رَبِّهِ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ} (18)

وقوله تعالى : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } قال جماعة من أهل التأويل معناه : رأى الكبرى من آيات ربه ، والمعنى { من آيات ربه } التي يمكن أن يراها البشر ، ف { الكبرى } على هذا مفعول ب { رأى } . وقال آخرون المعنى : { لقد رأى } بعضاً { من آيات ربه الكبرى } ، ف { الكبرى } على هذا وصف للآيات ، والجمع مما لا يعقل في المؤنث يوصف أبداً على حد وصف الواحدة . وقال ابن عباس وابن مسعود : رأى رفرفاً أخضر من الجنة قد سد الأفق . وقال ابن زيد : رأى جبريل في صورته التي هو بها في السماوات .