{ قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا [ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ] } {[14747]} حكى قولها في هذه الآية ، كما حكى فعلها في الآية الأخرى ، فإنها : { قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ } وفي الذاريات : { فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } [ الذاريات : 29 ] ، كما جرت به عادة النساء في أقوالهن وأفعالهن عند التعجب .
{ قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }
يقول تعالى ذكره : قالت سارّة لما بُشّرت بإسحاق أنها تلد تعجبا مما قيل لها من ذلك ، إذ كانت قد بلغت السنّ التي لا يلد من كان قد بلغها من الرجال والنساء ، وقيل : إنها كانت يومئذ ابنة تسع وتسعين سنة وإبراهيم ابن مِئة سنة ، وقد ذُكِرَت الرواية فيما رُوى في ذلك عن مجاهد قبلُ .
وأما ابن إسحاق ، فإنه قال في ذلك ما :
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : كانت سارّة يوم بشرت بإسحاق فيما ذَكَر لي بعض أهل العلم ابنة تسعين سنة ، وإبراهيم ابن عشرين ومئة سنة .
يا وَيْلَتا وهي كلمة تقولها العرب عند التعجب من الشيء والاستنكار للشيء ، فيقولون عند التعجب : ويلُ امّه رجلاً ما أرجله .
وقد اختلف أهل العربية في هذه الألف التي في : يا وَيْلَتَا فقال بعض نحويي البصرة : هذه ألف حقيقة ، إذا وقفت قلت : يا ويلتاه ، وهي مثل ألف النّدبة ، فلطفت من أن تكون في السكت ، وجعلت بعدها الهاء لتكون أبين لها وأبعد في الصوت وذلك لأن الألف إذا كانت بين حرفين كان لها صدى كنحو الصوت يكون في جوف الشيء فيتردّد فيه ، فتكون أكثر وأبين . وقال غيره : هذه ألف الندبة ، فإذا وقفت عليها فجائز ، وإن وقفت على الهاء فجائز وقال : ألا ترى أنهم قد وقفوا على قوله : وَيَدْعُوا الإنْسانُ فحذفوا الواو وأثبتوها ، وكذلك : ما كُنّا نَبْغِي بالياء ، وغير الياء ؟ قال : وهذا أقوى من ألف النّدبة وهائها .
والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه الألف ألف الندبة ، والوقف عليها بالهاء وغير الهاء جائز في الكلام لاستعمال العرب ذلك في كلامهم .
وقوله : ءألِدُ وأنا عَجُوزٌ تقول : أنى يكون لي ولد وأنا عجوز . وَهَذَا بَعْلى شَيْخا والبعل في هذا الموضع : الزوج وسمي بذلك لأنه قّيم أمرها ، كما سموا مالك الشيء بعله ، وكما قالوا للنخل التي تستغني بماء السماء عن سقي ماء الأنهار والعيون البعل ، لأن مالك الشيء القيم به ، والنخل البعل بماء السماء حياته . وقوله : إنّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ يقول : إن كون الولد من مثلي ومثل بعلي على السنّ التي بها نحن لشيء عجيب .
{ قالت يا ويلتي } يا عجبا وأصله في الشر فأطلق على كل أمر فظيع . وقرئ بالياء على الأصل . { أألد وأنا عجوز } ابنة تسعين أو تسع وتسعين . { وهذا بعلي } زوجي وأصله القائم بالأمر . { شيخا } ابن مائة أو مائة وعشرين ، ونصبه على الحال والعالم فيها معنى اسم الإشارة . وقرئ بالرفع على أنه خبر محذوف أي هو شيخ ، أو خبر بعد خبر أو هو الخبر و{ بعلي } بدل . { إن هذا لشيء عجيب } يعني الولد من هرمين ، وهو استعجاب من حيث العادة دون القدرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.