مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَتۡ يَٰوَيۡلَتَىٰٓ ءَأَلِدُ وَأَنَا۠ عَجُوزٞ وَهَٰذَا بَعۡلِي شَيۡخًاۖ إِنَّ هَٰذَا لَشَيۡءٌ عَجِيبٞ} (72)

قوله تعالى { قالت يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد }

في الآية مسائل :

المسألة الأولى : قال الفراء أصل الويل وي ، وهو الخزي ، ويقال : وي لفلان أي خزي له فقوله ويلك أي خزي لك ، وقال سيبويه : ويح زجر لمن أشرف على الهلاك ، وويل لمن وقع فيه . قال الخليل : ولم أسمع على بنائه إلا ويح ، وويس ، وويك ، وويه ، وهذه الكلمات متقاربة في المعنى وأما قوله : { يا ويلتا } فمنهم من قال هذه الألف ألف الندبة وقال صاحب «الكشاف » : الألف في ويلتا مبدلة من ياء الإضافة في { يا ويلتي } وكذلك في يا لهفا ويا عجبا ثم أبدل من الياء والكسرة الألف والفتحة ، لأن الفتح والألف أخف من الياء والكسرة .

أما قوله : { أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا } ففيه مسائل :

المسألة الأولى : قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو آلد بهمزة ومدة ، والباقون بهمزتين بلا مد .

المسألة الثانية : لقائل أن يقول إنها تعجبت من قدرة الله تعالى والتعجب من قدرة الله تعالى يوجب الكفر ، بيان المقدمة الأولى من ثلاثة أوجه : أولها : قوله تعالى حكاية عنها في معرض التعجب { أألد وأنا عجوز } وثانيها : قوله : { إن هذا لشيء عجيب } وثالثها : قول الملائكة لها { أتعجبين من أمر الله } وأما بيان أن التعجب من قدرة الله تعالى يوجب الكفر ، فلأن هذا التعجب يدل على جهلها بقدرة الله تعالى ، وذلك يوجب الكفر .

والجواب : أنها إنما تعجبت بحسب العرف والعادة لا بحسب القدرة فإن الرجل المسلم لو أخبره مخبر صادق بأن الله تعالى يقلب هذا الجبل ذهبا إبريزا فلا شك أنه يتعجب نظرا إلى أحوال العادة لا لأجل أنه استنكر قدرة الله تعالى على ذلك .

المسألة الثالثة : قوله : { وهذا بعلي شيخا } فاعلم أن شيخا منصوب على الحال ، قال الواحدي رحمه الله : وهذا من لطائف النحو وغامضه فإن كلمة هذا للإشارة ، فكان قوله : { وهذا بعلي شيخا } قائم مقام أن يقال أشير إلى بعلي حال كونه شيخا ، والمقصود تعريف هذه الحالة المخصوصة وهي الشيخوخة .

المسألة الرابعة : قرأ بعضهم { وهذا بعلي شيخا } على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أي هذا بعلي وهو شيخ ، أو بعلي بدل من المبتدأ وشيخ خبر أو يكونان معا خبرين ، ثم حكى تعالى أن الملائكة قالوا :{ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت } والمعنى : أنهم تعجبوا من تعجبها ،