قوله : { قَالَتْ يا ويلتا } الظَّاهرُ كون الألف بدلاً من ياء المتكلم ولذلك أمالها أبو عمرو وعاصم في روايةٍ ، وبها قرأ الحسن{[18893]} " يَا وَيْلَتِي " بصريح الياء . وقيل : هي ألف الندبة ، ويوقفُ عليها بهاء السَّكْتِ . وكذلك الألف في " يَا وَيْلَتَا " و " يَا عَجَبَا " .
قال القفال - رحمه الله - : أصلُ الوَيْل هو الخِزْيُ ، ويقال : وَيلٌ لفلان ، أي الخزي والهلاك .
[ قال سيبويه : " وَيْح " زجر لمنْ أشرف على الهلاكِ ، و " وَيْل " ]{[18894]} لمن وقع فيه .
قال الخليلُ : ولَمْ أسْمَعْ على مثاله إلاَّ " وَيْح " ، و " وَيْد " ، و " وَيْه " ، وهذه كلمات متقاربة في المعنى .
قوله : " أَأَلِدُ " قرأ ابنُ كثير ونافع{[18895]} وأبو عمر " آلد " بهمزة ومدة ، والبقاون : بهمزتين بلا مدٍّ وقوله : { وَأَنَاْ عَجُوزٌ وهذا بَعْلِي شَيْخاً } الجملتان في محلِّ نصبٍ على الحالِ من فاعل " ألِدُ " أي : كيف تقعُ الولادة في هاتينِ الحالتين المنافيتين لها ؟ .
والجمهورُ على نصب " شَيْخاً " وفيه وجهان :
المشهورُ أنَّهُ حالٌ ، والعاملُ فيه : إمَّا التَّنْبيهُ وإما الإشارةُ . وإمَّا كلاهما .
والثاني : أنه منصوبٌ على خبر التَّقريب عند الكوفيين ، وهذه الحالُ لازمةٌ عند من لا يَجْهَل الخبر ، وأمَّا من جهله فهي غير لازمة .
وقرأ ابنُ مسعُود والأعمش وكذلك في مصحف ابن{[18896]} مسعود " شَيْخٌ " بالرَّفْع ، وذكروا فيه أوجهاً : إمَّا خبرٌ بعد خبر ، أو خبران في معنى خبر واحد نحو : هذا حلو حامض ، أو خبر " هَذَا " و " بَعْلي " بيانٌ ، أو بدلٌ ، أو " شيخٌ " بدلٌ من " بَعْلي " ، أو " بَعْلِي " مبتدأ و " شَيْخٌ " خبره ، والجملة خبر الأول ، أو " شَيْخٌ " خبر مبتدأ مضمر أي : هو شيخٌ .
والشَّيْخُ يقابله عجوزٌ ، ويقال : شَيْخَة قليلاً ؛ كقوله : [ الطويل ]
وتَضْحَكُ مِنِّي شَيْخَةٌ عَبْشمِيَّةٌ *** . . . {[18897]}
وله جموعٌ كثيرة ، فالصَّريحُ منها : أشياخ وشُيُوخ وشِيخان ، وشِيخَة عند من يرى أنَّ فعلة جمعٌ لا اسم جمع كغِلْمَة وفِتْيَة .
ومن أسماءِ جمعه : مَشِيخَة وشِيَخَة ومَشْيُوخاً .
وبَعْلُهَا : زوجها ، سُمِّي بذلك لأنَّهُ قيِّمُ أمرها .
قال الواحدي : وهذا من لَطِيفِ النَّحو وغامضه فإنَّ كلمة " هذا " للإشارة ، فكان قوله { وهذا بَعْلِي شَيْخاً } قائمٌ مقام أن يقال : أشير إلى بَعْلِي حال كونه شَيْخاً .
والمقصُودُ : تعريف هذه الحالة المخصوصة وهي الشَّيْخُوخة .
ثم قال : { إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } .
فإن قيل : كيف تعجَّبَتْ من قُدْرَةِ الله - تعالى - والتَّعجُّبُ من قدرةِ الله يدلُّ على الجهْلِ بقُدْرةِ الله تعالى ؛ وذلك يوجبُ الكُفْرَ ؟ .
فالجواب : أنَّها إنَّما تعجبت بحسب العُرْفِ والعادة لا بحسب القدرة ، فإنَّ الرَّجُلَ المسلم لو أخبره رجلٌ آخرُ صادقٌ بأنَّ الله - تعالى - يقلبُ هذا الجبل إبْرِيزاً ، فلا شكَّ أنه يتعجب نظراً إلى العادةِ لا استنكاراً للقدرةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.