تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (79)

ثم نبه تعالى عباده إلى{[16616]} النظر إلى الطير المسخر بين السماء والأرض ، كيف جعله يطير بجناحيه بين السماء والأرض ، في جو السماء ما يمسكه هناك إلا الله بقدرته تعالى ، الذي جعل فيها قوًى تفعل ذلك ، وسخر الهواء يحملها ، ويسر الطير لذلك ، كما قال تعالى في سورة الملك : { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } [ الملك : 19 ] . وقال هاهنا : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } .


[16616]:في ف: "على".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (79)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىَ الطّيْرِ مُسَخّرَاتٍ فِي جَوّ السّمَآءِ مَا يُمْسِكُهُنّ إِلاّ اللّهُ إِنّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } .

يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين : ألم تَرَوا أَيّها المشركون بالله إلى الطير مسخرات في جوّ السماء ، يعني : في هواء السماء بينها وبين الأرض ، كما قال إبراهيم بن عمران الأنصاريّ :

وَيْلُمّها مِنْ هَوَاءِ الجَوّ طالِبَةً *** وَلا كَهذا الّذِي في الأرْضِ مَطْلُوبُ

يعني : في هواء السماء . { ما يُمْسِكُهُنّ إلاّ اللّهُ } ، يقول : ما طيرانها في الجوّ إلا بالله ، وبتَسْخِيره إياها بذلك ، ولو سلبها ما أعطاها من الطيران لم تقدر على النهوض ارتفاعا . وقوله : { إنّ فِي ذلكَ لاَياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ، يقول : إن في تسخير الله الطير وتمكينه لها الطيران في جوّ السماء ، لعلامات ودلالات على أن لا إله إلا اللّهُ وحدَه لا شريك له ، وأنه لا حظ للأصنام والأوثان في الألوهة . { لقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ، يعني : لقوم يقرّون بوجدان ما تعاينه أبصارهم وتحسه حواسّهم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { مُسَخّرَاتٍ فِي جَوّ السّماءِ } : أي في كبد السماء .