فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَمۡ يَرَوۡاْ إِلَى ٱلطَّيۡرِ مُسَخَّرَٰتٖ فِي جَوِّ ٱلسَّمَآءِ مَا يُمۡسِكُهُنَّ إِلَّا ٱللَّهُۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ} (79)

{ أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 79 ) } .

ثم ذكر سبحانه دليلا آخر على كمال قدرته فقال : { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ } ، أي : ألم ينظروا إليها حال كونها مذللات للطيران ، بما خلق الله لها من الأجنحة ، وسائر الأسباب المؤاتية لذلك ، كرقة قوام الهواء ، وإلهامها بسط الجناح وقبضه كما يفعل السابح في الماء ، { فِي جَوِّ السَّمَاء } ، أي : في الهواء المتباعد من الأرض في سمت العلو ، وإضافته إلى السماء لكونه في جنبها ، قال كعب : أن الطير ترتفع في الجو اثني عشر ميلا ، ولا ترتفع فوق ذلك .

{ مَا يُمْسِكُهُنَّ } ، في قبضهن وبسطهن ووقوفهن في الجو ، { إِلاَّ اللّهُ } ، سبحانه بقدرته الباهرة ، فإن ثقل أجسامها ، ورقة قوام الهواء يقتضيان سقوطها ؛ لأنها لم تتعلق بشيء من فوقها ، ولا اعتمدت على شيء تحتها ، { إِنَّ فِي ذَلِكَ } التسخير على تلك الصفة ، { لَآيَاتٍ } ظاهرة تدل على وحدانية الله سبحانه وقدرته الباهرة ، { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } بالله سبحانه ، وبما جاءت به رسله من الشرائع التي شرعها .