قوله - تعالى- : { أَلَمْ يَرَوْاْ إلى الطير مُسَخَّرَاتٍ } ، الآية هذا دليلٌ آخر على كمال قدرة الله وحكمته .
قرأ ابن عامر{[19999]} وحمزة والكسائي : " ألَمْ تَروْا " ، بالتاء من فوق . والباقون : بالياء ، على الحكاية لمن تقدَّم ذكره من الكفَّار .
قوله : { مَا يُمْسِكُهُنَّ } ، يجوز أن تكون الجملة حالاً من الضمير المستتر في " مُسخَّراتٍ " ، ويجوز أن تكون حالاً من الطير ، ويجوز أن تكون مستأنفة .
ومعنى : " مُسخَّراتٍ " : مذللات ، " في جوِّ السَّماءِ " ، وهو : الهواءُ بين السَّماء والأرض ؛ قال : [ الطويل ]
فَلسْتُ لإنْسيٍّ ولكِنْ لمَلأكٍ *** تَنزَّلَ من جوِّ السَّماءِ يَصُوبُ{[20000]}
وقيل : الجوُّ : ما يلي الأرض في سمت العلوِّ ، واللوح والسُّكاك أبعد منه .
قال كعب الأحبار - رضي الله عنه- : إنَّ الطير يرتفع اثنا عشر ميلاً ولا يرتفع فوق هذا ، وفوق الجوِّ السُّكاك ، وفوق السُّكاك السماء ، و { مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الله }{[20001]} تعالى ، أي : في حال القبض ، والبسط ، و الاسطفاف ينزلهم كيف يعتبرونها في وحدانيَّته .
{ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ، خصَّ هذه الآيات بالمؤمنين ؛ لأنَّهم هم المنتفعون بها .
جسد الطائر جسم ثقيل ، يمتنع بقاؤه في الجوِّ معلَّقاً بلا علاقة ولا دعامة ، فوجب أن يكون الممسك له في الجوِّ هو الله - تعالى- ، والظاهر أن إبقاءه في الجوِّ فعله باختياره ، وهذا يدلُّ على أنَّ فعل العبد خلق الله - تعالى- .
قال القاضي{[20002]} - رحمه الله- : إنَّما أضاف - تعالى - هذا الإمساك إلى نفسه ؛ لأنه - تعالى - هو الذي أعطى الآلات التي يمكن الطير بها من تلك الأفعال ، فلما كان - تعالى جلَّ ذكره - هو المسبب لذلك ، صحَّت هذه الإضافة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.