{ إنا نحن نزلنا الذكر } يعني القرآن أنزلناه عليك يا محمد ، وإنما قال سبحانه وتعالى : إنا نحن نزلنا الذكر جواباً لقولهم : يا أيها الذي نزل عليه الذكر فأخبر الله عز وجل أنه هو الذي نزل الذكر على محمد صلى الله عليه وسلم { وإنا له لحافظون } الضمير في له يرجع إلى الذكر يعني ، وإنا للذكر الذي أنزلناه على محمد لحافظون يعني من الزيادة فيه ، والنقص منه والتغيير والتبديل والتحريف ، فالقرآن العظيم محفوظ من هذه الأشياء كلها لا يقدر أحد من جميع الخلق من الجن والإنس أن يزيد فيه ، أو ينقص منه حرفاً واحداً أو كلمة واحدة ، وهذا مختص بالقرآن العظيم بخلاف سائر الكتب المنزلة فإنه قد دخل على بعضها التحريف ، والتبديل والزيادة والنقصان ولما تولى الله عز وجل حفظ هذا الكتاب بقي مصوناً على الأبد محروساً من الزيادة والنقصان ، وقال ابن السائب ومقاتل : الكناية في له راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم يعني وإنا لمحمد لحافظون ممن أراده بسوء فهو كقوله تعالى { والله يعصمك من الناس } ووجه هذا القول أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر الإنزال ، والمنزل دل ذلك على المنزل عليه وهو محمد صلى الله عليه وسلم فحسن صرف الكناية إليه لكونه أمراً معلوماً إلا أن القول الأول أصح ، وأشهر ، وهو قول الأكثرين لأنه أشبه بظاهر التنزيل ورد الكناية إلى أقرب مذكور أولى ، وهو الذكر وإذا قلنا : إن الكناية عائدة إلى القرآن ، وهو الأصح فاختلفوا في كيفية حفظ الله عز وجل للقرآن فقال بعضهم : حفظه بأن جعله معجزاً باقياً مبايناً لكلام البشر فعجز الخلق عن الزيادة فيه ، والنقصان منه لأنهم لو أرادوا الزيادة فيه والنقصان منه لتغيير نظمه ، وظهر ذلك لكل عالم عاقل وعلموا ضرورة أن ذلك ليس بقرآن ، وقال آخرون : إن الله حفظه وصانه من المعارضة فلم يقدر أحد من الخلق أن يعارضه . وقال آخرون : بل أعجز الله الخلق عن إبطاله وإفساده بوجه من الوجوه فقيض الله له العلماء الراسخين يحفظونه ، ويذبون عنه إلى آخر الدهر لأن دواعي جماعة من الملاحدة واليهود متوفرة على إبطاله وإفساده فلم يقدروا على ذلك بحمد الله تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.