صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَكُّ رَقَبَةٍ} (13)

{ فك رقبة } أي هو – أي اقتحامها – إعتاق رقبة وتخليصها من إسار الرق والعبودية . والفك : تخليص الشيء من الشيء .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَكُّ رَقَبَةٍ} (13)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله : "وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ" ؟ يقول تعالى ذكره : وأيّ شيء أشعرك يا محمد ما العقبة ؟ .

ثم بيّن جلّ ثناؤه له ، ما العقبة ، وما النجاة منها ، وما وجه اقتحامها ؟ فقال : اقتحامها وقطعها فكّ رقبة من الرقّ ، وأسر العبودة...

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء البصرة ، عن ابن أبي إسحاق ، ومن الكوفيين : الكسائي : «فَكَّ رَقَبَةٍ أوْ أطْعَمَ » . وكان أبو عمرو بن العلاء يحتجّ فيما بلغني فيه بقوله : "ثُمّ كانَ مِنَ الّذِينَ آمَنُوا" كأن معناه : كان عنده ، فلا فكّ رقبة ، ولا أطعم ، ثم كان من الذين آمنوا . وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والشأم "فَكُّ رَقَبَةٍ" على الإضافة "أوْ إطْعامٌ" على وجه المصدر .

والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان معروفتان ، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء ، وتأويل مفهوم ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب . فقراءته إذا قرئ على وجه الفعل تأويله : فلا اقتحم العقبة ، لا فكّ رقبة ، ولا أطعم ، ثم كان من الذين آمنوا ، وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ على التعجب والتعظيم . وهذه القراءة أحسن مخرجا في العربية ، لأن الإطعام اسم ، وقوله : "ثُمّ كانَ مِنَ الّذِينَ آمَنُوا" فعل ، والعرب تُؤْثِر ردّ الأسماء على الأسماء مثلها ، والأفعال على الأفعال ، ولو كان مجيء التّنزيل ثم إن كان من الذين آمنوا ، كان أحسن ، وأشبه بالإطعام والفكّ من ثم كان ، ولذلك قلت : «فَكّ رَقَبَةٍ أوْ أطْعَمَ » أوجه في العربية من الآخر ، وإن كان للآخر وجه معروف ، ووجهه أنْ تضمر أن ثم تلقى ... وإذا وُجّه الكلام إلى هذا الوجه كان قوله : "فَكّ رَقَبَةٍ أوْ إطْعامٌ" تفسيرا لقوله : "وَما أدْرَاكَ ما الْعَقَبَةُ" كأنه قيل : وما أدراك ما العقبة ؟ هي "فكّ رقبة أوْ إطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ" كما قال جلّ ثناؤه : "وَما أدْرَاكَ ماهِيَهْ" ، ثم قال : "نارٌ حامِيَةٌ" مفسرا لقوله...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

فيه وجهان :

أحدهما : إخلاصها من الأسر .

الثاني : عتقها من الرق ، وسمي المرقوق رقبة لأنه بالرق كالأسير المربوط من رقبته ، وسمي عتقاً فكها لأنه كفك الأسير من الأسر ....

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

والمعنى أن اقتحام العقبة هو الفك أو الإطعام ...

الفك: فرق يزيل المنع كفك القيد والغل ، وفك الرقبة فرق بينها وبين صفة الرق بإيجاب الحرية وإبطال العبودية ، ومنه فك الرهن وهو إزالة غلق الرهن ، وكل شيء أطلقته فقد فككته ، ومنه فك الكتاب....ويقال : كانت عادة العرب في الأسارى شد رقابهم وأيديهم فجرى ذلك فيهم وإن لم يشدد ، ثم سمي إطلاق الأسير فكاكا ...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ فك } أي الإنسان { رقبة } أي من الأسر أو الظلم أو الغرم أو السقم شكراً لمن أولاه الخير وتنفيساً للكربة حباً للمعالي والمكارم لا رياء وسمعة كما فعل هذا الظان الضال ولا لطمع في جزاء ولا لخوف من عناء...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وقد ورد أن فك الرقبة هو المشاركة في عتقها ، وأن العتق هو الاستقلال بهذا . . وأيا ما كان المقصود فالنتيجة الحاصلة واحدة . وقد نزل هذا النص والإسلام في مكة محاصر ؛ وليست له دولة تقوم على شريعته . وكان الرق عاما في الجزيرة العربية وفي العالم من حولها . وكان الرقيق يعاملون معاملة قاسية على الإطلاق ...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وأطلق الفك على تخليص المأخوذ في أسْرٍ أو مِلْك ، لمشابهة تخليص الأمر العسير بالنزع من يد القابض الممتنع . وهذه الآية أصل من أصول التشريع الإِسلامي وهو تشوُّف الشارع إلى الحرية وقد بسطنا القول في ذلك في كتاب « أصول النظام الاجتماعي في الإسلام » .

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

أي تحريرها وعتقها لتعود إنساناً حرّاً يملك إرادته وحركته وكل شؤون حياته ، ما يوحي بأن مسألة حرية الإنسان من العبودية في إعتاقه من الرق ، تمثل مدخلاً لرضى الله ، لأن مسألة الاسترقاق في الإسلام لم تكن مسألةً اختارها الإسلام في شريعته كواقعٍ تشريعيٍّ يؤكد على استجابة الناس له ، في ما يريد لهم أن يأخذوا به ويسعوا إليه كأمرٍ محبوب لديه ، بل هي مسألة الواقع الذي عاش الإسلام في داخله من خلال التاريخ السحيق الذي أوجد للرقّ نظاماً وحشياً لا يتقيّد بأيّ خُلُقٍ إنسانيّ وأيّة عاطفةٍ روحيّةٍ ...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَكُّ رَقَبَةٍ} (13)

ثم فسره فقال { فك رقبة } وهو إخراجها من الرق بالعون في ثمنها

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَكُّ رَقَبَةٍ} (13)

فيه ثلاث مسائل :

الأولى- قوله تعالى : " فك رقبة " فكها : خلاصها من الأسر . وقيل : من الرق . وفي الحديث : [ وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ] . من حديث البراء ، وقد تقدم في سورة " التوبة " . والفك : هو حل القيد ، والرق قيد . وسمي المرقوق رقبة ؛ لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته . وسمي عنقها فكا كفك الأسير من الأسر . قال حسان :

كم من أسيرٍ فككناهُ بلا ثَمَنٍ *** وجَزَّ ناصيةٍ كنا مَوَاليها

وروى عقبة بن عامر الجُهَني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : [ من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار ] قال الماوردي : ويحتمل ثانيا أنه أراد فك رقبته وخلاص نفسه ، باجتناب المعاصي ، وفعل الطاعات ، ولا يمتنع الخبر من هذا التأويل ، وهو أشبه بالصواب .

الثانية- قوله تعالى : " رقبة " قال أصبغ : الرقبة الكافرة ذات الثمن أفضل في العتق من الرقبة المؤمنة القليلة الثمن ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم وقد سئل أي الرقاب أفضل ؟ قال : [ أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها ] . ابن العربي : والمراد في هذا الحديث : من المسلمين ، بدليل قوله عليه السلام : [ من أعتق امرأ مسلما ] و[ من أعتق رقبة مؤمنة ] . وما ذكره أصبغ وهلة{[16080]} ، وإنما نظر إلى تنقيص المال ، والنظر إلى تجريد المعتق للعبادة ، وتفريغه للتوحيد أولى .

الثالثة- العتق والصدقة من أفضل الأعمال . وعن أبي حنيفة : أن العتق أفضل من الصدقة . وعند صاحبيه الصدقة أفضل . والآية أدل على قول أبي حنيفة ؛ لتقديم العتق على الصدقة . وعن الشعبي في رجل عنده فضل نفقة : أيضعه في ذي قرابة أو يعتق رقبة ؟ قال : الرقبة أفضل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ من فك رقبة فك الله بكل عضو منها عضوا من النار ] .


[16080]:كذا في الأصول وابن العربي، ولعلها المرة من الوهل، وهو الغلط. وهل إلى الشيء (بالفتح) يهل (بالكسر) وهلا (بالسكون): إذا ذهب وهمه إليه. ويجوز أن يكون بمعنى غلطة أو سهوة.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَكُّ رَقَبَةٍ} (13)

فلما تفرغ القلب بالاستفهام عما لا يعرفه ، وكان الإنسان أشهى ما إليه تعرف ما أشكل عليه ، فتشوفت النفوس إلى علمها ، قال مشيراً إلى الأولى التي هي العفة التي ثمرتها السخاء وإصلاح قوة الشهوة معبراً بالفك الذي هو أدنى ما يكون من العتق لأنه الإعانة فيه ولو بما قل كما ورد في حديث البراء رضي الله عنه " أعتق النسمة وفك الرقبة " وعتقها أن تفرد بها ، وفكها أن تعين في ثمنها ، وفسر المراد بهذه العقبة بما دل على معادل لا كما يأتي تعيين تقديره فإنها لا تستعمل إلا مكررة قال : { فك } أي الإنسان { رقبة * } أي من الأسر أو الظلم أو الغرم أو السقم شكراً لمن أولاه الخير وتنفيساً للكربة حباً للمعالي والمكارم لا رياء وسمعة كما فعل هذا الظان الضال ولا لطمع في جزاء ولا لخوف من عناء