قرأ أبو عمرو{[60239]} وابن كثيرٍ والكسائي : «فكَّ » : فعلاً ماضياً ، و «رَقَبةٌ » : نصباً ، «أو أطْعَمَ » : فعلاً ماضياً .
والباقون : «فكُّ » : يرفع الكاف اسماً ، «رقَبَةٍ » : خفض بالإضافة ، «أوْ إطْعَامٌ » : اسم مرفوع أيضاً .
فالقراءة الأولى : الفعل فيها ، بدل من قوله : «اقتحم » ، فهو بيان له ، فكأنه قيل : فلا فك رقبة ولا أطعم .
والثانية : مرتفع فيها : «فكُّ » ، على إضمار مبتدأ ، أي : هو فك رقبة ، «أو إطعام » على معنى الإباحة ، وفي الكلام حذف مضاف ، دل عليه «فلا اقتحم » ، تقديره : وما أدراك ما اقتحام العقبة ، فالتقدير : اقتحام العقبة فك رقبة ، أو إطعام ، وإنما احتيج إلى تقدير هذا المضاف ليطابق المفسر والمفسر ؛ ألا ترى أن المفسِّر - بكسر السين - مصدر ، والمفسَّر - بفتح السين - وهو العقبة غير مصدر ، فلو لم يقدر مضافاً ، لكان المصدر ، وهو «فك » مفسراً للعين ، وهي العقبة .
وقرأ أميرُ المؤمنين وأبو رجاء{[60240]} : «فكَّ ، أو أطعمَ » فعلين - كما تقدم - إلا أنهما نصبا : «ذا » الألف .
وقرأ الحسنُ : «إطعام »{[60241]} ، و«ذا » بالألف أيضاً ، وهو على هاتين القراءتين : مفعول : «أطعم » ، أو «إطعام » ، و«يتيماً » حينئذ بدل منه أو نعت له ، وهو في قراءة العامة : «ذي » بالياء : نعت ل «يوم » ، على سبيل المجاز ، وصف اليوم بالجوع مبالغة ، كقولهم : ليلك قائم ، ونهارك صائم ، والفاعل ل «إطعام » : محذوف ، وهذا أحد المواضع التي يطرد فيها حذف الفاعل وحده عند البصريين .
قال ابنُ زيدٍ ، وجماعة من المفسرين : معنى الكلام الاستفهام على معنى الإنكار ، تقديره : هلاَّ أقتحم العقبة ، تقول : هلا أنفق ماله في فك الرقاب ، وإطعام السغبان ، فيكون خيراً له من إنفاقه في عداوة محمد عليه الصلاة والسلام{[60242]} .
الفكّ : التفريق ، ومنه فكُّ القيد وفكُّ الرقبة ، فرق بينها وبين صفة الرق بإيجاد الحرفة ، وإبطال العبودية ، ومنه فكُّ الرهن ، وهو إزالته عن المرتهن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أيُّمَا امرئٍ مُسْلمٍ أعتقَ امْرءاً مُسْلِمَاً كَانَ فِكاكَه مِنَ النَّارِ يَجرِي على كُلِّ عَضوٍ مِنهُ عُضواً مِنهُ » الحديث{[60243]} .
وسمي المرقوق رقبة ؛ لأنه بالرق كالأسير المربوط في رقبته ، وسمي عتقها فكَّا كفك الأسير من الأسْر ؛ قال : [ البسيط ]
5214- كَمْ مِنْ أسِيرٍ فَكَكنَاهُ بِلاَ ثَمَنٍ*** وجَرِّ نَاصِيةٍ كُنَّا مَواليهَا{[60244]}
قال الماورديُّ : ويحتمل ثانياً : إنه أراد فك رقبته ، وخلاص نفسه ، باجتناب المعاصي ، وفعل الطاعات ، ولا يمتنع الخبر من هذا التأويل ، وهو أشبه بالصواب .
فصل في أن العتق أفضل من الصدقة
قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : العِتْقُ أفضل من الصدقة ، وعند صاحبيه الصدقة أفضل ، والآية أدلّ على قول أبي حنيفة ، لتقديم العتق على الصدقة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.