غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَكُّ رَقَبَةٍ} (13)

1

قال الزجاج : ألا ترى أنه فسر العقبة بفك الرقبة والإطعام ؟ فكأنه قيل : فلا فك رقبة ولا أطعم مسكيناً ولاسيما فيمن قرأ { فك } و { أطعم } على الإبدال من { اقتحم } وجعل ما بينهما اعتراضاً . ويجوز أن يراد فلا اقتحم العقبة ولا آمن يدل عليه قوله { ثم كان من الذين آمنوا } ومن قرأ { فك } { أو إطعام } على المصدرين فالفاعل محذوف وهو من خواص المصدر لا يجوز حذف الفاعل من غيره والتقدير : فك فاك رقبة أو إطعام مطعم يتيماً .

والمسغبة مصدر على " مفعلة " من سغب إذا جاع ،

وكذا المقربة من قرب في النسب .

والمتربة من ترب إذا افتقر والتصق بالتراب فليس فوقه ما يستره ولا تحته ما يوطئه . عن النبي صلى الله عليه وسلم :هو الذي مأواه المزابل .

ووصف اليوم بذي مسغبة مجاز باعتبار صاحبه نحو " نهاره صائم " .

وفك الرقبة تخليصها من رق أو غيره . وفي الحديث " إن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : دلني على عمل يدخلني الجنة . فقال : " تعتق النسمة وتفك الرقبة . فقال : أوليسا سواء ؟ قال : لا إعتاقها أن تتفرد بعتقها وفكها تخليصها من قود أو غرم " وقد استدل أبو حنيفة من تقدم العتق على أنه أفضل من الصدقة . وعند بعضهم بالعكس لأن في الصدقة تخليص النفس من الإشراف على الهلاك فإن قوام البدن بالغذاء ، وفي الفك تخليصها من القيد في الأغلب . وأيضاً لعل الأمر في الأول أضيق . ولا شك إن إطعام اليتيم القريب أفضل من اليتيم الأجنبي . وقد يستدل للشافعي أن المسكين أحسن حالاً من الفقير وأنه قد يكون بحيث يملك شيئاً وإلا وقع قوله { ذا متربة } تكراراً .

وقال بعض أهل التأويل : فك الرقبة أن يعين المرء نفسه على إقامة الوظائف الشرعية ليتخلص بها عن النار . وعندي هو أن يفك رقبته عن الكونين ليلزم عنه زوال الحرص المستتبع لمواساة النفس على الطعام والإيثار .

/خ20