ثم يمتنّ الله على عباده فيكرّر أنه يقبل التوبة عن عباده ويتجاوز عما فَرَطَ منهم تفضُّلاً منه ورحمة بعباده .
{ وَيَعْفُواْ عَنِ السيئات وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } من خير أو شر ، ورحمتُه تسبق غضبه ، وباب التوبة مفتوح والحمد لله .
قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر : ويعلم ما يفعلون بالياء ، والباقون : تفعلون بالتاء .
قوله تعالى : " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " قال ابن عباس : لما نزل قوله تعالى " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " قال قوم في نفوسهم : ما يريد إلا أن يحثنا على أقاربه من بعده ، فأخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنهم قد اتهموه فأنزل : " أم يقولون افترى على الله كذبا " الآية ، فقال القوم : يا رسول الله ، فإنا نشهد أنك صادق ونتوب . فنزلت : " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " . قال ابن عباس : أي عن أوليائه وأهل طاعته . والآية عامة . وقد مضى الكلام في معنى التوبة وأحكامها{[13509]} ، ومضى هذا اللفظ في " التوبة " {[13510]} . " ويعفو عن السيئات " أي عن الشرك قبل الإسلام . " ويعلم ما تفعلون " أي من الخير والشر . وقرأ حمزة والكسائي وحفص وخلف بالتاء على الخطاب ، وهى قراءة ابن مسعود وأصحابه . الباقون بالياء على الخبر ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ؛ لأنه بين خبرين : الأول " وهو الذي يقبل التوبة عن عبادة " والثاني " ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات " .
ولما أخبر بضلالهم وجزم بإبطال أعمالهم ، رغبهم رحمة منه لهم في التوبة التي هي من الحق الذي يحقه ولو على أقل وجوهها بأن يقولوها بألسنتهم ليبلغه ذلك عنهم ، فإن قول اللسان يوشك أن يدخل إلى الجنان ، فقال مذكرا له بامتنانه عليهم بقبول توبتهم وتطهير حوبتهم كرما منه وحلما معبرا بالضمير الذي هو غيب إشارة لطفه في علمه الغيب نذارة في طي هذه البشارة ( وهو ) أي لا غيره أزلاً وأبداً { الذي يقبل التوبة } كلما شاء بالغة له أو متجاوزاً { عن عباده } الذين خالصون لطاعته ، سئل أبو الحسن البوشنجي عن التوبة فقال : إذا ذكرت الذنب فلا تجد له حلاوة في قلبك .
ولما كان القبول قد يكون في المستقبل مع الأخذ بما مضى قال : { ويعفو عن السيئات } أي التي كانت التوبة عنها صغيرة أو كبيرة وعن غيرها فلا يؤاخذ بها إن شاء لأن التوبة تجب ما قبلها كما أن الإسلام الذي هو توبة خاصة يجب ما كان قبله .
ولما كانت تعدية القبول ب " عن " مفهمة لبلوغه ذلك بواسطة ، فكان ربما اشعر بنقص في العلم ، أخبر بما يوجب التنزيه عن ذلك ترغيباً وترهيباً بقوله : { ويعلم } أي والحال أنه يعلم كل وقت { ما تفعلون } أي كل ما يتجدد لهم عمله سواء كان عن علم أو داعية شهوة وطبع سيئة كان أو حسنة ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم ورويس عن يعقوب بالخطاب لافتاً للقول عن غيب العباد لأنه أبلغ في التخويف وقرأ الباقون بالعيب نسقاً على العباد وهو ، أعم وأوضح في المراد فعفوه مع العلم عن سعة الحلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.