صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤۡمِنُواْ بِهِۦ فَتُخۡبِتَ لَهُۥ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (54)

{ وليعلم الذين أوتوا العلم } فأزال الله عن قلوبهم الشك والزيغ ، وحبب إليهم الإيمان وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان . { أنه الحق من ربك } أي إن ما جاء به المرسلون هو الحق من عند الله{ فيؤمنوا به } فيتبق الله بذلك إيمانهم ويزيدهم منه{ فتخبت له قلوبهم } فتخضع وتسكن وتتطامن .

{ وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم } إلى طريق الحق الذي يدحض الباطل ويدمغه .

وقد ذكر كثير من المفسرين في تفسير هذه الآيات قصة الغرانيق المشهورة ؛ وهي من وضع الزنادقة كما قال محمد بن إسحاق . وقال البيهقي : إنها غير ثابتة من جهة النقل ؛ ثم طعن في رواتها . وقال القاضي عياض في الشفاء : يكفيك في توهين هذا الحديث أنه لم يخرجه أحد من أهل الصحة ؛ ولا رواه بثقة بسند صحيح سليم متصل . وهو مما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب ؛ المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم . وشنع عليهم الإمام أبو منصور الماتريدي وقال : إن حضرة الرسالة بريئة من مثل هذه الرواية ا ه . والغرانيق : الأصنام ، وهي في الأصل : الذكور من طير الماء ، واحدها غرنوق وغرنيق ؛ فشبهوها بالطيور التي تعلو وترتفع في السماء ؛ لزعمهم أنها تشفع لهم .