إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤۡمِنُواْ بِهِۦ فَتُخۡبِتَ لَهُۥ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (54)

{ وَلِيَعْلَمَ الذين أُوتُواْ العلم أَنَّهُ } أي القرآنَ { الحق مِن رَّبّكَ } أي هو الحقُّ النَّازل من عنده تعالى ، وقيل : ليعلمُوا أنَّ تمكينَ الشَّيطانِ من الإلقاءِ هو الحقُّ المتضمنُ للحكمةِ البالغة والغايةِ الجميلةِ لأنَّه ممَّا جرتْ به عادتُه في جنس الإنس من لَدُن آدمَ عليه السلام فحينئذٍ لا حاجة إلى تخصيصِ التَّمكينِ فيما سبق بالإلقاءِ في حقِّه عليه السَّلامُ لكن يأباه قولُه تعالى : { فَيُؤْمِنُواْ بِهِ } أي بالقرآنِ أي يثبتوا على الإيمانِ به أو يزدادوا إيماناً بردِّ ما يُلقي الشَّيطانُ { فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } بالانقياد والخشية والإذعانِ لما فيه من الأوامرِ والنَّواهي ، ورجعُ الضَّميرِ لاسيما الثَّاني إلى تمكينِ الشَّيطانِ من الإلقاء ممَّا لا وجه له { وَإِنَّ الله لَهَادِي الذين آمَنُواْ } أي في الأمورِ الدِّينيةِ خُصوصاً في المداحض والمشكلاتِ التي من جُملتها ما ذكر { إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ } هو النَّظرُ الصحيحُ الموصل إلى الحقِّ الصَّريحِ والجملةُ اعتراضٌ مقرِّرٌ لما قبله .