ثم قال : { وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك }[ 52 ] .
أي : نسخ ما ألقى الشيطان ليعلم الذين أوتوا العلم بالله أنه الحق من ربك . أي : أن الذين أنزله إليك هو الحق ، لا ما نسخ مما ألقى الشيطان { فيومنوا به } أي : فيصدقوا به . { فتخبت له قلوبهم } أي ، تخضع للقرآن قلوبهم وتذعن بالتصديق به والإقرار بما فيه .
ثم قال : { وإن الله لهاد الذين آمنوا }[ 52 ] .
أي : لمرشد المؤمنين إلى الطريق القاصد والحق الواضح ، فينسخ ما ألقى الشيطان في أمنية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا يضرهم كيد الشيطان شيئا .
وقيل : المعنى : لهاديهم إلى طريق الجنة في الآخرة .
وقيل : المعنى : لهاديهم إلى الثبات على الإيمان في بقية أعمارهم .
وقال ابن جريج{[47127]} : { أنه الحق من ربك } يعني : القرآن .
ويروى : أن قوما من المهاجرين بأرض الحبشة بلغهم أن أهل مكة أسلموا حين تقربوا من النبي عليه السلام لما سمعوا منه ما ألقى الشيطان في تلاوته ، فرجعوا إلى عشائرهم ، وقالوا{[47128]} هم أحب إلينا ، فوجدوا القوم قد ارتكسوا حين نسخ الله ما ألقى الشيطان .
وقوله : ( لهاد ) حذفت الياء في الوصل لسكونها وسكون اللام بعدها وحذفت من الخط ، لأن الكاتب كتبها على لفظ الوصل ، ولو كتبها على الوقف لكتبها بالياء كما كتب { بهادي العمي } في النمل{[47129]} بالياء على الوقف ، وكتب ( بهاد العمي ) في الروم بغير ياء على الوصل ، ولا يحسن الوقف عليه ، لأنك إن وقفت بالياء خالفت الخط ، وإن وقفت بغير ياء ، حذفت لام الفعل لغير علة .
وقد قال يعقوب وسلام : الوقف ( لهادي ) بالياء على الأصل{[47130]} ، والأحسن ألا تقف عليه لما ذكرت لك . ولأنه ليس بتمام ولا قطع ، ولأنك تفرق بين المضاف والمضاف إليه ، وكلاهما كالشيء الواحد .
وقد روى أبو محمد اليزيدي{[47131]} عن أبي عمرو في ( لهاد الذين آمنوا ) قال{[47132]} : الوصل بالياء ، والوقف على الكتب . وروي ذلك عن اليزيدي أبو عبد الرحمان وأبو حمدون{[47133]} . ومعنى هذا أنه ينوي الياء في الوصل وإن كان لا يلفظ بها ، فإذا وقف ، وقف{[47134]} بغير ياء{[47135]} اتباعا للخط فكأنه قال : الوصل بنية الياء . وهذا كلام مستقيم . وقد استجهل اليزيدي في هذه الرواية ومجازها{[47136]} ما ذكرنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.