فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلِيَعۡلَمَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤۡمِنُواْ بِهِۦ فَتُخۡبِتَ لَهُۥ قُلُوبُهُمۡۗ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهَادِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (54)

ولما بين سبحانه أن ذلك الإلقاء كان فتنة في حقّ أهل النفاق والشكّ والشرك ، بيّن أنه في حقّ المؤمنين العالمين بالله العارفين به سبب لحصول العلم لهم بأن القرآن حقّ وصدق فقال : { وَلِيَعْلَمَ الذين أُوتُواْ العلم أَنَّهُ الحق مِن ربّكَ } أي : الحقّ النازل من عنده . وقيل : إن الضمير في { أنه } راجع إلى تمكين الشيطان من الإلقاء ، لأنه مما جرت به عادته مع أنبيائه ، ولكنه يردّ هذا قوله : { فَيُؤْمِنُوا بِهِ } فإن المراد الإيمان بالقرآن ، أي يثبتوا على الإيمان به { فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } أي تخشع وتسكن وتنقاد ، فإن الإيمان به وإخبات القلوب له لا يمكن أن يكونا تمكين من الشيطان بل للقرآن { وإن الله لهاد الذين آمنوا } في أمور دينهم { إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ } أي طريق صحيح لاعوج به . وقرأ أبو حيوة : «وإن الله لهاد الذين آمنوا » بالتنوين .

/خ57