الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (74)

ثم قال تعالى : { ما قدروا الله حق قدره }[ 72 ] .

أي : ما عظموه في العبادة حق عظمته حين عدلوا به من يضعف عن الامتناع من أذى الذباب . هذا معنى قول ابن زيد{[47224]} .

وقد قال قوم : قوله تعالى : ضرب مثل ، فأين المثل ، ليس في الآية مثل والمعنى فيه على ما قدمنا أن معناه ، ضربتم لي مثلا ، أي جعلتم لي شبها وندا . كما قال : { وجعلوا لله أندادا }{[47225]} { فاستمعوا له } أي : /فاستمعوا جواب ما ضربتموه شبها لله وندا ، فالضرب إنما هو للمشركين الذين عدلوا الله بالأصنام ، فخبرنا الله تعالى عن ضعف الشبه والند الذي جعلوه له .

قال الكلبي : كانوا يعمدون إلى المسك والزعفران ، فيسحقونهما جميعا ، وهو عطر العرب{[47226]} ويطلون بهما الأصنام ، فإذا يبس تشقق فربما وقع عليه الذباب فيأخذ منه ، فكان يشتد عليهم .

ثم قال : { إن الله لقوي عزيز }[ 72 ] .

أي : قوي على خلق ما يشاء من صغير وكبير ، ( عزيز ){[47227]} أي : منيع في ملكه ، لا يقدر أحد أن يسلبه من ملكه شيئا ، وليس كآلهتهم{[47228]} التي{[47229]} يدعون من دون الله التي لا تقدر{[47230]} على خلق ذباب ، ولا على الامتناع من الذباب .


[47224]:انظر: جامع البيان 17/204.
[47225]:إبراهيم آية 32.
[47226]:ز: العندي. (تحريف).
[47227]:عزيز سقطت من ز.
[47228]:ز: كآلهتهم.
[47229]:ز: الذين.
[47230]:ز: لا يقدرون.