تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (74)

الآية 74 : وقوله تعالى : { ما قدروا الله حق قدره }اختلف فيه : قال بعضهم : { ما قدروا الله حق قدره } أي ما عرفوا الله حق معرفته . قالوا له بالشريك والولد والصاحبة . ( وما ){[13243]} قالوا فيه مما لا يليق به ، لأنهم لو عرفوه حق معرفته لم ينسبوا إليه ، ولا وصفوه بالذي وصفوه ، وعرفوه{[13244]} بذاته وتعاليه عن ذلك . لكن حين{[13245]} لم يعرفوه حق معرفته شبهوه بواحد من خلقه على ما ذكرنا .

وقال بعضهم : { ما قدروا الله حق قدره } أي ما عظموا الله حق عظمته حين{[13246]} صرفوا العبادة والشكر إلى غيره ؛ إذ لو عظموه حق تعظيمه ما صرفوا عبادتهم وشكرهم إلى غير الذي أنعم عليهم ، وما أشركوا غيره في ذلك على علم منهم أنه إنما وصلت إليهم تلك النعم من الله لا ممن عبدوه ، وبالله العصمة والصواب .

ثم يكون تعظيمه ومعرفته على الحقيقة بتعظيم أموره وقبولها والقيام بها ، لا في قوله : يا عظيم ، يا كبير ونحوه . ولكن على ما ذكرت من تعظيم أموره وقيامه بها . وكذلك المحبة لله ، إنما يكون في القيام بأموره وإقباله نحوها والانتهاء عن مناهيه لا في ما في قوله : أنا حبيبك ، أو تصوير شيء في قلبه . ولكن ما ذكرت ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { إن الله لقوي عزيز }يحتمل قوله : { إن الله لقوي عزيز }لنصر أوليائه وجعل العاقبة لهم{ عزيز } أي منتقم من أعدائه . أو يقول : { لقوي } لأنه تضعف كل القوى عند قوته{ عزيز }تذل كل العزز عند عزته . أو يقول : { لقوي } لأنه به تقوى من قوي ، ومنه يستفيد القوة{[13247]}{ عزيز }لأنه به يعز من عز{[13248]} ، ومنه كان ذلك ، والله أعلم .


[13243]:من م في الأصل: ومما.
[13244]:في الأصل وم: وعرفوا.
[13245]:في الأصل وم: حيث.
[13246]:في الأصل وم: حيث.
[13247]:في الأصل وم: ذلك.
[13248]:في الأصل وم: عزته.