تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّۗ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لَأٓتِيَةٞۖ فَٱصۡفَحِ ٱلصَّفۡحَ ٱلۡجَمِيلَ} (85)

الآية : 85 : وقوله تعالى : { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } الحق الذي جعل تسميته على أهلها ، والحق الذي لبعض على بعض . والحق هو اسم كل محمود مختار من القول والفعل ، والباطل اسم كل مذموم من القول والفعل . قال بعضهم : تأويله : { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا } شهودا لله { بالحق } على أهلها .

وقوله تعالى : { إلا بالحق } أي لم يخلقهما لغير شيء ، ولكن خلقهما للمحنة ؛ يمتحنهم بالعبادة فيها . وإلى هذا ذهب الحسن .

وقيل : خلقهما وما بينهما لأمر كائن أي لعاقبة الثواب أو الجزاء ، لم يخلقهم للفناء خاصة ، ولكن للعاقبة ؛ لأن خلق الشيء خاصة عبث ، وهو ما قال : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا ترجعون } ( المؤمنون : 115 ) أخبر أن خلقهم لا للرجوع إليه ولا للعاقبة عبث . وقد [ ذكرنا هذا في ما تقدم ]{[9967]} .

وجائز أن يكون قوله : { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية } على الاحتجاج على أولئك لإنكارهم الساعة لوجهين :

أحدهما : ما ذكرنا أنه ، لو لم تكن الساعة ، حصل خلقهما وما بينهما للفناء خاصة [ وخلق الشيء ]{[9968]} للفناء خاصة عبث باطل كبناء البناء للنقض خاصة لا لعاقبة ، تقصد ، عبث .

والثاني : أنه يكون في ذلك التسوية بين الأعداء والأولياء . وفي الحكمة التفريق بينهما ، وقال : { وما / 279 – ب / خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا } الآية ( ص : 27 ) لم يكن ظنهم أنه خلقهما باطلا ، ولكن لما أنكروا البعث صار في ظنهم خلقهما باطلا .

وقوله تعالى : { وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل } أي اعرض عنهم ، ولا تكافئهم بما آذوك بألسنتهم وفعلهم { وإن الساعة لآتية } فأنا {[9969]} كافيهم عنك على أذاهم إياك وصنيعهم يومئذ . الصفح الجميل : هو ما لا نقض فيه ، ولا منة في العرف ؛ أي اصفح الصفح ما توصف فيه بتمام الأخلاق ، وما لا نقض فيه ولا منة .

( ويحتمل الصفح الجميل أن تصفح ) {[9970]} صفحا ، لا منة فيه ، { وإن الساعة لآتية } فتجزى أنت على صفحك الجميل ، وهم على أذاك ، والله أعلم .


[9967]:في الأصل: ذكرناها، في م: ذكرنا في ما تقدم.
[9968]:من م، ساقطة من الأصل.
[9969]:من م، في الأصل: ماذا.
[9970]:في الأصل: يحتمل الصفح الجميل هو أن يصفح في م: يحتمل الصفح الجميل هو أن يصفح ولا يمن عليهم، كان أمره أن يصفح.