تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كَمَآ أَنزَلۡنَا عَلَى ٱلۡمُقۡتَسِمِينَ} (90)

الآية 90 و 91 : وقوله تعالى : { كما أنزلنا على المقتسمين } { الذين جعلوا القرآن عضين } قال الحسن : الكتب كلها قرآن ؛ يعني كتب الله اقتسموها ، وجعلوها عضين ، أي فرقوها بالتحريف والتبديل ؛ فما وافقهم أخذوه ، وما لم يوفقهم غيروه ، وبدلوه ، كقوله : { يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروه } ( المائدة : 41 ) ونحوه ، فذلك اقتسامهم ، وتعضيتهم على قوله ، وكقوله : { تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا } ( الأنعام : 91 ) وقوله : { فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا } ( المؤمنون : 53 ) ونحوه .

وقال بعضهم : اقتسامهم : هو{[9993]} أن نفرا من قريش كانوا اقتسموا عقاب مكة ليصدوا الناس عن رسول الله : فتقول طائفة منهم إذا سئلوا عنه : هو كاهن ، وطائفة أخرى هو شاعر ساحر مجنون ، ونحوه .

وعضتهم {[9994]} قولهم : هو سحر ، شعر كهانة ، أساطير الأولين { افترى على الله كذبا } ( الشورى : 24 ) وأمثال ما قالوا فذلك اقتسامهم وعضتهم .

وقال بعضهم : هو على التقديم ، أي أتيناك المثاني والقرآن العظيم ، أنزلناه عليك كما أنزلنا التوراة والإنجيل على اليهود والنصارى ؛ فهم المقتسمون كتاب الله ، فأمنوا ببعض ، وكفروا ببعض .

وقال أبو عوسجة : يقال : عضيت الجزور ، أي قسمتها عضوا . . . . وقال غيره : هو من العضة ، وهو السحر بلسان قريش . يقال للساحر : عاضة .

وقال القتبي : المقتسمون : قوم تحالفوا على عظة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن يذيعوا بكل طريق ، ويخبروا به النزاع إليهم . وقوله{[9995]} : { عضين } : أي فرقوه ، وعضوه . وقيل : فرقوا القول فيه . وهو ما ذكرنا ، والله أعلم .


[9993]:في الأصل وم: وهو.
[9994]:في الأصل وم: و {عضين}.
[9995]:في الأصل وم: و.