تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٖ مُّبِينٖ} (79)

الآية 79 : وقوله تعلى : { فانتقمنا منهم } ذكر الانتقام منهم ، ولم يذكر ههنا لم{[9953]} كان الانتقام ؟ وقال في آية أخرى .

{ فأخذتهم الرجفة } ( الأعراف : 78 ) وقال في آية أخرى : { فأخذتهم الصيحة } ( الحجر : 83 ) وقال في آية أخرى : { فأخذهم عذاب يوم الظلة } ( الشعراء : 189 ) .

فيحتمل أن تكون الرجفة لقوم ، والصيحة لقوم ، يوم الظلة لقوم منهم ، وإن كان واحدا{[9954]} ، فسماها بأسماء مختلفة ، وليس لنا إلى معرفة ذلك العذاب حاجة سوى ما عرف أنهم إنما أهلكوا ، أو عذبوا بالتكذيب ليكون ذلك آية لمن بعدهم ، ليحذروا مثل صنيعهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { فانتقمنا منهم } للرسل كما انتقمنا من قوم لوط للوط بسوء صنيعهم وسوء معاملتهم إياه .

فعلى ذلك ننتقم من أهل مكة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ، بسوء صنيعهم ]وسوء ]{[9955]} معاملتهم إياه .

وقد كان ما نزل بأصحاب الأيكة كفاية مزجر لهم وعظة ، لا يحتاج إلى ما ذكر ما نزل بقوم لوط .

وقوله تعالى : { وإنهما } قال بعضهم : يعني قوم لوط وقوم شعيب .

وقوله تعالى : { لبإمام مبين } أي طريق مستبين ، أي بين هلاكهم .

وقوله تعالى : { وإنها لبسبيل مقيم } ( وقوله تعالى ) {[9956]} : { وإنهما لبإمام مبين } واحد ، أي بين واضحة {[9957]} آثارهم ؛ من سلك ذلك الطريق ، أو دخل قراهم ومكانهم ، لاستبان له آثار هلاكهم ، وما حل بهم .

وقوله تعالى : { لبإمام مبين } أي طريق ، يؤم ، ويقصد ، بين ، واضح .


[9953]:من م، في الأصل: ثم.
[9954]:في الأصل وم: واحد.
[9955]:في الأصل وم: و.
[9956]:ساقطة من الأصل وم.
[9957]:في الأصل وم: واضح.