تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ وَسَمۡعِهِمۡ وَأَبۡصَٰرِهِمۡۖ وَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡغَٰفِلُونَ} (108)

الآية : 108 وقوله تعالى : { أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم } ، الطبع هو التغطية ؛ تغطي ظلمة الكفر نور القلب والسمع ونور البصر ؛ كأن لكل أحد نورين وبَصَرَين : ظاهر وباطن ، يُبصِر بها جميعا فإذا ذهب أحدهما ، أو عمي ، صار لا يبصر كمن يبصر ببصر الظاهر ، إنما يبصر بنور بصره وبنور الهواء : فإذا دخل في أحدهما آفة ذهب الانتفاع ، وصار لا يبصر شيئا . فعلى ذلك . للقلب بصر خفي ، وبصر ظاهر : الذي هو معروف . فإنما يبصر بهما . فإذا غطت ظلمة الكفر بصر القلب صار لا يبصر شيئا .

ألا ترى أنه قال : { فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور } ( الحج : 46 ) ، أخبر أن الأبصار الظاهرة لم تعم ، ولكن عميت : { القلوب التي في الصدور } ؟ هذا يدل على ما ذكرنا ، والله أعلم ، معنى طبع السمع والبصر .

وقوله تعالى : { وأولئك هم الغافلون } ، يحتمل : غافلين{[10539]} عن النظر في آياته وحججه ، ويحتمل : غافلين{[10540]}عما يحل بهم بكفرهم وتكذيبهم آيات الله وحججه .


[10539]:في الأصل وم: غافلون.
[10540]:في الأصل وم: غافلون.